" صفحة رقم ١٨٢ "
٨٢
فإن قلت : أما نهى رسول الله ( ﷺ ) عن عبادة الأوثان بأدلة العقل حتى جاءته البينات من ربه ؟ قلت : بلى ولكن البينات لما كانت مقوية لأدلة العقل ومؤكدة لها ومضمنة ذكرها نحو قوله تعالى :) أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ( ( الصافات : ٩٥ ٩٦ ) وأشباه ذلك من التنبيه على أدلة العقل كان ذكر البينات ذكراً لأدلة العقل والسمع جميعاً، وإنما ذكر ما يدلّ على الأمرين جميعاً ؛ لأن ذكر تناصر الأدلة العقل وأدلة السمع أقوى في إبطال مذهبهم وإن كانت أدلة العقل وحدها كافية.
) هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُواْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (
غافر :( ٦٧ ) هو الذي خلقكم.....
) لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ ( متعلق بفعل محذوف تقديره : ثم يبقيكم لتبلغوا. وكذلك لتكونوا. وأما ) وَلِتَبْلُغُواْ أَجَلاً مُّسَمًّى ( فمعناه : ونفعل ذلك لتبلغوا أجلاً مسمى، وهو وقت الموت. وقيل : يوم القيامة. وقرىء :( شيوخاً ) بكسر الشين. وشيخاً، على التوحيد، كقوله :) طِفْلاً ( ( الحج : ٥ ) والمعنى : كل واحد منكم. أو اقتصر على الواحد ؛ لأنّ الغرض بيان الجنس ) مِن قَبْلُ ( من قبل الشيخوخة أو من قبل هذه الأحوال إذا خرج سقطا ) وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ( ما في ذلك في العبر والحجج.
) هُوَ الَّذِى يُحْىِ وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ (
غافر :( ٦٨ ) هو الذي يحيي.....
) فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا ( يكوّنه من غير كلفة ولا معاناة. جعل هذا نتيجة من قدرته


الصفحة التالية
Icon