" صفحة رقم ٢٠٣ "
دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِأاياتِنَا يَجْحَدُون (

فصلت :( ٢٦ ) وقال الذين كفروا.....


قرىء :( والغوا فيه ) بفتح الغين وضمها. ويقال : لغى يلغى، ولغا يلغو : الساقط من الكلام الذي لا طائل تحته. قال : من اللغا ورفث التكلم. والمعنى : لا تسمعوا له إذا قرىء، وتشاغلوا عند قراءته برفع الأصوات بالخرافات والهذيان والزمل، وما أشبه ذلك، حتى تخلطوا على القارىء وتشوشوا عليه وتغلبوه على قراءته. كانت قريش يوصي بذلك بعضهم بعضاً ) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ( يجوز أن يريد بالذين كفروا : هؤلاء اللاغين والآمرين لهم باللغو خاصة، وأن يذكر الذين كفروا عامة لينطووا تحت ذكرهم. قد ذكرنا إضافة أسوأ بما أغنى عن إعادته. وعن ابن عباس ) عَذَاباً شَدِيداً ( يوم بدر. و ) أَسْوَأَ الَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ ( في الآخرة ) ذَلِكَ ( إشارة إلى الأسوأ، ويجب أن يكون التقدير : أسؤ جزاء الذين كانوا يعملون، حتى تستقيم هذه الإشارة. و ) النَّارِ ( عطف بيان للجزاء. أو خبر مبتدأ محذوف. فإن قلت : ما معنى قوله تعالى :) لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ ( ؟ قلت : معناه أن النار في نفسها دار الخلد، كقوله تعالى :) لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ( ( الأحزاب : ٢١ ) والمعنى : أن رسول الله ( ﷺ ) أسوة حسنة، وتقول لك في هذه الدار دار السرور. أنت تعنى الدار بعينها ) جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ ( أي : جزاء بما كانوا يلغون فيها، فذكر الجحود الذي سبب اللغو.
) وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الاٌّ سْفَلِينَ (

فصلت :( ٢٩ ) وقال الذين كفروا.....


) الَّذِينَ أَضَلَّانَا ( أي : الشيطانين اللذين أضلانا ) مّنَ الْجِنّ وَالإِنْسِ ( لأنّ الشيطان على ضربين : جني وإنسي. قال الله تعالى :) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنّ ( ( الأنعام : ١١٢ ) وقال تعالى :) الَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ( ( الناس : ٥ ) وقيل : هما إبليس وقابيل ؛ لأنهما سنا الكفر والقتل بغير حق. وقرىء :( أرنا ) بسكون الراء لثقل الكسرة، كما قالوا في فخذ : فخذ. وقيل : معناه أعطنا للذين أضلانا. وحكوا عن الخليل : أنك إذا قلت : أرني ثوبك بالكسر، فالمعنى : بصرنيه. وإذا قلته بالسكون، فهو استعطاء، معناه : أعطني ثوبك : ونظيره : اشتهار الإيتاء في معنى الإعطاء. وأصله : الإحضار.


الصفحة التالية
Icon