" صفحة رقم ٢٣٢ "
يسكن، لأنّ المعنى : إن يشأ يسكن الريح فيركدن. أو يعصفها فيغرقن بعصفها. فإن قلت : فما معنى إدخال العفو في حكم الإيباق حيث جزم جزمه ؟ قلت : معناه : أو إن يشأ يهلك ناساً وينج ناساً على طريق العفو عنهم. فإن قلت : فمن قرأ ( ويعفو ) ؟ قلت : قد استأنف الكلام.
) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِىءَايَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ (
الشورى :( ٣٥ ) ويعلم الذين يجادلون.....
فإن قلت : فما وجوه القراءات الثلاث في ) وَيَعْلَمَ ( ؟ قلت : أما الجزم فعلى ظاهر العطف وأما الرفع فعلى الاستئناف. وأما النصب فللعطف على تعليل محذوف تقديره : لينتقم منهم ويعلم الذين يجادلون ونحوه في العطف على التعليل المحذوف غير عزيز في القرآن، ومنه قوله تعالى :) وَلِنَجْعَلَهُ ءايَةً لّلْنَّاسِ ( ( مريم : ٢١ ) وقوله تعالى :) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضَ بِالْحَقّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ( ( الجاثية : ٢٢ )، وأما قول الزجاج : النصب على إضمار أن، لأنّ قبلها جزاء، تقول : ما تصنع أصنع مثله وأكرمك وإن شئت وأكرمك، على : وأنا أكرمك. وإن شئت وأكرمك جزماً، ففيه نظر لما أورده سيبويه في كتابه. قال : واعلم أنّ النصب بالفاء والواو في قوله : إن تأتني آتك وأعطيك : ضعيف، وهو نحو من قوله : وَأَلْحَقُ بِالْحِجَازِ فَأَسْتَرِيحَا ;
فهذا يجوز، وليس بحدّ الكلام ولا وجهه، إلا أنه في الجزاء صار أقوى قليلاً ؛ لأنه ليس بواجب أنه يفعل، إلا أن يكون من الأوّل فعل، فلما ضارع الذي لا يوجبه كالاستفهام ونحوه : أجازوا فيه هذا على ضعفه ا ه. ولا يجوز أن تحمل القراءة المستفيضة على وجه ضعيف ليس بحدّ الكلام ولا وجهه، ولو كانت من هذا الباب لما أخلى سيبويه منها كتابه، وقد ذكر نظائرها من الآيات المشكلة. فإن قلت : فكيف يصح المعنى على جزم ) وَيَعْلَمَ ( ؟ قلت : كأنه قال : أو إن يشأ يجمع بين ثلاثة أمور : هلاك قوم ونجاة قوم وتحذير آخرين ) مِن مَّحِيصٍ ( من محيد عن عقابه.
) فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَىْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (
الشورى :( ٣٦ ) فما أوتيتم من.....
) فَمَآ ( الأولى ضمنت معنى الشرط، فجاءت الفاء في جوابها بخلاف الثانية. عن علي رضي الله عنه : اجتمع لأبي بكر رضي الله عنه مال فتصدق به كله في سبيل الله


الصفحة التالية
Icon