" صفحة رقم ٢٤ "
جعلتها موصولة ؟ قلت : تقديره : هذا الذي وعده الرحمن والذي صدّقه المرسلون، بمعنى : والذي صدق فيه المرسلون، من قولهم : صدقوهم الحديث والقتال. ومنه صدقني سن بكره. فإن قلت :) مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ( ؟ سؤال عن الباعث، فكيف طابقه ذلك جواباً ؟ قلت : معناه بعثكم الرحمن الذي وعدكم البعث وأنبأكم به الرسل ؛ إلا أنه جيء به على طريقة : سيئت بها قلوبهم، ونعيت إليهم أحوالهم، وذكروا كفرهم وتكذيبهم، وأخبروا بوقوع ما أنذروا به وكأنه قيل لهم : ليس بالبعث الذي عرفتموه وهو بعث النائم من مرقده، حتى يهمكم السؤال عن الباعث، إن هذا هو البعث الأكبر ذو الأهوال والأفزاع، وهو الذي وعده الله في كتبه المنزّلة على ألسنة رسله الصادقين.
) إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ اليَوْمَ فِى شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِى ظِلَالٍ عَلَى الاٌّ رَآئِكِ مُتَّكِئُونَ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (
يس :( ٥٣ ) إن كانت إلا.....
(إلا صيحة واحدة ) قرئت منصوبة ومرفوعة ) فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً (...... ) إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ اليَوْمَ فِى شُغُلٍ ( حكاية ما يقال لهم في ذلك اليوم. وفي مثل هذه الحكاية زيادة تصوير للموعود، وتمكين له في النفوس، وترغيب في الحرص عليه وعلى ما يثمره ) فِى شُغُلٍ ( في أي شغل وفي شغل لا يوصف، وما ظنك بشغل من سعد بدخول الجنة التي هي دار المتقين، ووصل إلى نيل تلك الغبطة وذلك الملك الكبير والنعيم المقيم، ووقع في تلك الملاذ التي أعدّها الله للمرتضين من عباده، ثواباً لهم على أعمالهم مع كرامة وتعظيم، وذلك بعد الوله والصبابة، والتفصي من مشاق التكليف ومضايق التقوى والخشية، وتخطي الأهوال، وتجاوز الأخطار وجواز الصراط. ومعاينة ما لقى العصاة من العذاب، وعن ابن عباس : في افتضاض الأبكار. وعنه : في ضرب الأوتار. وعن ابن كيسان : في التزاور. وقيل : في ضيافة الله. وعن الحسن : شغلهم عما فيه أهل النار التنعم بما هم فيه. وعن الكلبي : هم شغل عن أهاليهم من أهل النار، لا يهمهم أمرهم ولا يذكرونهم : لئلا يدخل عليهم تنغيص في نعيمهم. قرىء :( في شغل ) بضمتين وضمة وسكون، وفتحتين، وفتحة وسكون. والفاكه والفكه : المتنعم


الصفحة التالية
Icon