" صفحة رقم ٢٤٧ "
اتخاذ الولد إليه جائزة فرضاً وتمثيلاً، أما تستحيون من الشطط في القسمة ؟ ومن ادعائكم أنه آثركم على نفسه بخير الجزأين وأعلاهما وترك له شرهما وأدناهما ؟ وتنكير ) بَنَاتٍ ( وتعريف ) الْبَنِينَ ( وتقديمهنّ في الذكر عليهم لما ذكرت في قوله تعالى :) يَهَبُ لِمَن يَشَاء إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ ( ( الشورى : ٤٩ ) ) بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً ( بالجنس الذي جعله له مثلاً، أي : شبهاً لأنه إذا جعل الملائكة جزءاً لله وبعضاً منه فقد جعله من جنسه ومماثلاً له ؛ لأن الولد لا يكون إلا من جنس الوالد، يعني : أنهم نسبوا إليه هذا الجنس. ومن حالهم أن أحدهم إذا قيل له : قد ولدت لك بنت اغتم واربدّ وجهه غيظاً وتأسفاً وهو مملوء من الكرب. وعن بعض العرب : أن امرأته وضعت أنثى، فهجر البيت الذي فيه المرأة، فقالت : مَا لأَبِي حَمْزَةَ لاَ يَأْتِينَا
يَظَلُّ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَلِينَا
غَضْبَانُ أَنْ لاَ نَلِدَ الْبَنِينَا
لَيْسَ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا مَاشِينَا
وَإِنَّمَا نَأْخُذُ مَا أُعْطِينَا
والظلول بمعنى الصيرورة، كما يستعمل أكثر الأفعال الناقصة بمعناها. وقرىء ( مسودّ ومسوادّ ) على أن في ) ظَلَّ ( ضمير المبشر، و ) وَجْهُهُ مُسْوَدّا ( جملة واقعة موقع الخبر، ثم قال : أو يجعل للرحمان من الولد من هذه الصفة المذمومة صفته. وهو أنه ) يُنَشَّأُ فِى الْحِلْيَةِ ( أي يتربى في الزينة والنعمة، وهو إذا احتاج إلى مجاثاة الخصوم ومجاراة الرجال، كان غير مبين، ليس عنده بيان، ولا يأتي ببرهان يحتج به من يخاصمه وذلك لضعف عقول النساء ونقصانهنّ عن فطرة الرجال، يقال : قلما تكلمت امرأة فأرادت أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها. وفيه : أنه جعل النشء في الزينة والنعومة من المعايب والمذام، وأنه من صفة ربات الحجال، فعلى الرجل أن يجتنب ذلك ويأنف منه، ويربأ بنفسه عنه، ويعيش كما قال عمر رضي الله عنه : اخشوشنوا واخشوشبوا وتمعددوا. وإن أراد أن يزين نفسه زينها من باطن بلباس التقوى. وقرىء ( ينشأ )، وينشأ. ونظير المناشأة بمعنى الإنشاء : المغالاة بمعنى الإغلاء.
) وَجَعَلُواْ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ


الصفحة التالية
Icon