" صفحة رقم ٢٤٨ "
وَيُسْألُونَ (
الزخرف :( ١٩ ) وجعلوا الملائكة الذين.....
قد جمعوا في كفرة ثلاث كفرات، وذلك أنهم نسبوا إلى الله الولد، ونسبوا إليه أحسن النوعين ؛ وجعلوه من الملائكة الذين هم أكرم عباد الله على الله، فاستخفوا بهم واحتقروهم. وقرىء ( عباد الرحمن ) وعبيد الرحمن، وعبد الرحمن، وهو مثل لزلفاهم واختصاصهم. وإناثاً، وأنثا : جمع الجمع. ومعنى جعلوا : سموا وقالوا إنهم إناث. وقرىء ( أشهدوا ) وأشهدوا، بهمزتين مفتوحة ومضمومة. وآأشهدوا بألف بينهما، وهذا تهكم بهم، بمعنى أنهم يقولون ذلك من غير أن يستند قولهم إلى علم، فإن الله لم يضطرهم إلى علم ذلك، ولا تطرّقوا إليه باستدلال، ولا أحاطوا به عن خبر يوجب العلم، فلم يبق إلا أن يشاهدوا خلقهم، فأخبروا عن هذه المشاهدة ) سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ ( التي شهدوا بها على الملائكة من أنوثتهم ) وَيُسْئَلُونَ ( وهذا وعيد. وقرىء ( سيكتب ) وسنكتب : بالياء والنون. وشهادتهم، وشهاداتهم. ويساءلون على ما يفاعلون.
) وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ الرَّحْمَانُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (
الزخرف :( ٢٠ ) وقالوا لو شاء.....
) وَقَالُواْ لَوْ شَاء الرَّحْمَانُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ( هما كفرتان أيضاً مضمومتان إلى الكفرات الثلاث، وهما : عبادتهم الملائكة من دون الله، وزعموهم أن عبادتهم بمشيئة الله، كما يقول إخوانهم المجبرة، فإن قلت : ما أنكرت على من يقول : قالوا ذلك على وجه الاستهزاء، ولو قالوه جادين لكانوا مؤمنين ؟ قلت : لا دليل على أنهم قالوه مستهزئين، وادعاء ما لا دليل عليه باطل، على أن الله تعالى قد حكى عنه ذلك على سبيل الذم والشهادة بالكفر : أنهم جعلوا له من عباده جزءاً، وأنه اتخذ بنات وأصفاهم بالبنين، وأنهم جعلوا الملائكة المكرمين إناثاً. وأنهم عبدوهم وقالوا : لو شاء الرحمن ما عبدناهم، فلو كانوا ناطقين بها على طريق الهزء : لكان النطق بالمحكيات قبل هذا المحكى الذي هو إيمان عنده لو جدّوا في النطق به مدحاً لهم، من قبل أنها كلمات كفر نطقوا بها على طريق الهزء ؛ فبقي أن يكونوا جادين، وتشترك كلها في أنها كلمات كفر، فإن قالوا : نجعل هذا الأخير وخده مقولاً على وجه الهزء دون ما قبله، فما بهم إلا تعويج كتاب الله