" صفحة رقم ٢٤٩ "
الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لتسوية مذهبهم الباطل. ولو كانت هذه كلمة حق نطقوا بها هزءاً لم يكن لقوله تعالى :) مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ( معنى، لأنّ من قال لا إلاه إلا الله على طريق الهزء : كان الواجب أن ينكر عليه استهزاؤه ولا يكذب، لأنه لا يجوز تكذيب الناطق بالحق جادّاً كان أو هازئاً. فإن قلت : ما قولك فيمن يفسر ما لهم بقولهم : إن الملائكة بنات الله من علم أن هم إلا يخرصون في ذلك القول لا في تعليق عبادتهم بمشيئة الله ؟ قلت : تمحل مبطل وتحريف مكابر. ونحوه قوله تعالى :) سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ ىَابَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَىْء كَذالِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ( ( الأنعام : ١٤٨ ).
) أَمْ ءَاتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (
الزخرف :( ٢١ ) أم آتيناهم كتابا.....
الضمير في ) مِن قَبْلِهِ ( للقرآن أو الرسول. والمعنى : أنهم ألصقوا عبادة غير الله بمشيئة الله : قولاً قالوه غير مستند إلى علم، ثم قال : أم آتيناهم كتاباً قبل هذا الكتاب نسبنا فيه الكفر والقبائح إلينا، فحصل لهم علم بذلك من جهة الوحي، فاستمسكوا بذلك الكتاب واحتجوا به. بل لا حجة لهم يستمسكون بها إلا قولهم ) بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا ( على دين. وقرىء ( على إمة ) بالكسر، وكلتاهما من الأمّ وهو القصد، فالأمة : الطريقة التي تؤم، أي : تقصد، كالرحلة للمرحولة إليه. والأمة : الخالة التي يكون عليها الآم وهو القاصد. وقيل : على نعمة وحالة حسنة ) عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا ( خبر إن. أو الظرف صلة لمهتدون.
) وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (
الزخرف :( ٢٣ ) وكذلك ما أرسلنا.....
) مُتْرَفُوهَا ( الذين أترفتهم النعمة، أي أبطرتهم فلا يحبون إلا الشهوات والملاهي، ويعافون مشاق الدين وتكاليفه.
) قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءَابَآءَكُمْ قَالُواْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (
الزخرف :( ٢٤ ) قال أولو جئتكم.....
قرىء ( قل ) وقال : وجئتكم، وجئناكم، يعني، أتتبعون آباءكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم ؟ قالوا : إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه، وإن جئتنا بما هو أهدى وأهدى.


الصفحة التالية
Icon