" صفحة رقم ٢٥٧ "
) أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِى الْعُمْىَ وَمَن كَانَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ (
الزخرف :( ٤٠ ) أفأنت تسمع الصم.....
كان رسول الله ( ﷺ ) يجد ويجتهد ويكدّ روحه في دعاء قومه، وهم لا يزيدون على دعائه إلا تصميماً على الكفر وتمادياً في الغيّ، فأنكر عليه بقوله :) أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ( إنكار تعجيب من أن يكون هو الذي يقدر على هدايتهم، وأراد أنه لا يقدر على ذلك منهم إلا هو وحده على سبيل الإلجاء والقسر، كقوله تعالى :) إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ ( ( فاطر : ٢٢ ).
) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِى وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (
الزخرف :( ٤١ ) فإما نذهبن بك.....
(ما ) في قوله :) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ ( بمنزلة لام القسم : في أنها إذا دخلت دخلت معها النون المؤكدة، والمعنى : فإن قبضناك قبل أن ننصرك عليهم ونشفي صدور المؤمنين منهم ) فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ( أشد الانتقام في الآخرة، كقوله تعالى :) أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ( ( غافر : ٧٧ ) وإن أردنا أن ننجز في حياتك ما وعدناهم من العذاب النازل بهم وهو يوم بدر، فهم تحت ملكتنا وقدرتنا لا يفوتوننا : وصفهم بشدة الشكيمة في الكفر والضلال ثم أتبعه شدة الوعيد بعذاب الدنيا والآخرة. وقرىء ( نرينك ) بالنون الخفيفة. وقرىء ( بالذي أوحي إليك ) على البناء للفاعل، وهو الله عز وجل والمعنى : وسواء عجلنا لك الظفر والغلبة أو أخرنا إلى اليوم الآخر. فكن مستمسكاً بما أوحينا إليك وبالعمل به فإنه الصراط المستقيم الذي لا يحيد عنه إلا ضال شقي، وزد كل يوم صلابة في المحاماة على دين الله، ولا يخرجك الضجر بأمرهم إلى شيء من اللين والرخاوة في أمرك، ولكن كما يفعل الثابت الذي لا ينشطه تعجيل ظفر، ولا يثبطه تأخيره.
) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْألُونَ وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَانِ ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ (
الزخرف :( ٤٤ ) وإنه لذكر لك.....
) وَأَنَّهُ ( وإنّ الذي أوحى إليك ) لِذِكْرِ ( لشرف ) لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ ( لسوف ) تُسْأَلُونَ ( عنه يوم القيامة، وعن قيامكم بحقه، وعن تعظيمكم له، وشكركم على أن رزقتموه وخصصتم به من بين العالمين، ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال لإحالته، ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم والفحص عن مللهم، هل جاءت عبادة الأوثان قط