" صفحة رقم ٢٦٣ "
أريد به إلا الأصنام، وكذلك قوله عليه السلام :( هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم ) إنما قصد به الأصنام، ومحال أن يقصد به الأنبياء والملائكة، إلا أن ابن الزبعري بخبه وخداعه وخُبْثِ دُخْلَتِه لما رأى كلام الله ورسوله محتملاً لفظه وجه العموم، مع علمه بأنّ المراد به أصنامهم لا غير، وجد للحيلة مساغاً، فصرف معناه إلى الشمول والإحاطة بكل معبود غير الله، على طريقة المحك والجدال وجب المغالبة والمكابرة، وتوقح في ذلك فتوقر رسول الله ( ﷺ ) حتى أجاب عنه ربه :) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الْحُسْنَى ( ( الأنبياء : ١٠١ ) فدل به على أنّ الآية خاصة من الأصنام، على أنّ الظاهر قوله :( وما تعبدون ) لغير العقلاء. وقيل : لما سمعوا قوله تعالى :) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ ( ( آل عمران : ٥٩ ) قالوا : نحن أهدى من النصارى ؛ لأنهم عبدوا آدامياً ونحن نعبد الملائكة، فنزلت. وقوله :) خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ( على هذا القول : تفضيل لآلهتهم على عيسى ؛ لأنّ المراد بهم الملائكة وما ضربوه لك إلا جدلاً. معناه : وما قالوا هذا القول، يعني : ءآلهتنا خير أم هو. إلا للجدال، وقرىء :( أآلهتنا خير ) بإثبات همزة الاستفهام وبإسقاطها، لدلالة أم العديلة عليها. وفي حرف ابن مسعود : خير أم هذا. ويجوز أن يكون جدلاً حالاً، أي : جدلين. وقيل : لما نزلت ) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ ( ( آل عمران : ٥٩ ) قالوا : ما يريد محمد بهذا إلا أن نعبده وأنه يستأهل أن يعبد وإن كان بشراً، كما عبدت النصارى المسيح وهو بشر. ومعنى ) يَصِدُّونَ ( يضجون ويضجرون. والضمير في ) أَمْ هُوَ ( لمحمد ( ﷺ )، وغرضهم بالموازنة بينه وبين آلهتهم : السخرية به والاستهزاء. ويجوز أن يقولوا لما أنكر عليهم قولهم : الملائكة بنات الله وعبدوهم ما قلنا بدعا من القول، ولما فعلنا نكراً من الفعل ؛ فإنّ النصارى جعلوا المسيح ابن الله وعبدوه، ونحن أشف منهم قولاً وفعلاً، فإنا نسبنا إليه الملائكة وهم نسبوا إليه الأناسي، فقيل لهم : مذهب النصارى شرك بالله، ومذهبكم شرك مثله، وما تنصلكم مما أنتم عليه بما أوردتموه إلا قياس باطل بباطل، وما عيسى ) إِلاَّ عَبْدٌ ( كسائر العبيد ) أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ( حيث جعلناه آية : بأن خلقناه من غير سبب، كما خلقنا آدم وشرفنا بالنبوّة وصيرناه عبرة عجيبة كالمثل السائر لبني إسرائيل.
) وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلَائِكَةً فِى الاٌّ رْضِ يَخْلُفُونَ ( ٧ )
الزخرف :( ٦٠ ) ولو نشاء لجعلنا.....


الصفحة التالية
Icon