" صفحة رقم ٢٧٨ "
قلت : بما دل عليه ) إِنَّا مُنتَقِمُونَ ( وهو ننتقم. ولا يصح أن ينتصب بمنتقمون، لأن ( إن ) تحجب عن ذلك. وقرىء ( نبطش ) بضم الطاء. وقرأ الحسن ( نبطش ) بضم النون، كأنه يحمل الملائكة على أن يبطشوا بهم البطشة الكبرى. أو يجعل البطشة الكبرى باطشة بهم. وقيل :) الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ( : يوم بدر.
) وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ أَنْ أَدُّواْ إِلَىَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى اللَّهِ إِنِّىءَاتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ وَإِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِى فَاعْتَزِلُونِ (
الدخان :( ١٧ ) ولقد فتنا قبلهم.....
وقرىء ( ولقد فتنا ) بالتشديد للتأكيد. أو لوقوعه على القوم. ومعنى الفتنة : أنه أمهلهم ووسع عليهم في الرزق ؛ فكان ذلك سبباً في ارتكابهم المعاصي وافتراقهم الأثام. أو ابتلاهم بإرسال موسى إليهم ليؤمنوا، فاختاروا الكفر على الإيمان، أو سلبهم ملكهم وأغرقهم ) كَرِيمٌ ( على الله وعلى عباده المؤمنين. أو كريم في نفسه، لأنّ الله لم يبعث نبياً إلا من سراة قومه وكرامهم ) أَنْ أَدُّواْ إِلَىَّ ( هي أن المفسرة، لأن مجيء الرسول من بعث إليهم متضمن لمعنى القول لأنه لا يجيئهم إلا مبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله. أو المخففة من الثقيلة ومعناه : وجاءهم بأن الشأن والحديث أدّوا إليّ ) وَعِبَادُ اللَّهِ ( مفعول به وهم بنو إسرائيل، يقول : أدوهم إليّ وأرسلوهم معي، كقوله تعالى :) أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْراءيلَ وَلاَ تُعَذّبْهُمْ ( ( طه : ٤٧ ) ويجوز أن يكون نداء لهم على : أدوا إليّ يا عباد الله ما هو واجب لي عليكم من الإيمان لي وقبول دعوتي واتباع سبيلي، وعلل ذلك بأنه ) رَسُولٌ أَمِينٌ ( غير ظنين قد ائتمنه الله على وحيه ورسالته ) وَأَن لاَّ تَعْلُواْ ( أن هذه مثل الأولى في وجهيها، أي : لا تستكبروا ) عَلَى اللَّهِ ( بالاستهانة برسوله ووحيه. أو لا تستكبروا على نبيّ الله ) بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ( بحجة واضحة ) أَن تَرْجُمُونِ ( أن تقتلون. وقرىء ( عت ) بالإدغام. ومعناه أنه عائذ بربه متكل على أنه يعصمه منهم ومن كيدهم، فهو غير مبال بما كانوا يتوعدونه به من الرجم والقتل ) فَاعْتَزِلُونِ ( يريد : إن لم تؤمنوا لي فلا موالاة بيني وبين من لا يؤمنوا، فتنحوا عني واقطعوا أسباب الوصلة عني، أي : فخلوني كفافاً لا لي ولا عليّ، ولا تتعرضوا لي بشركم وأذاكم ؛ فليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه فلا حكم ذلك.
) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَاؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ فَأَسْرِ بِعِبَادِى لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ (
الدخان :( ٢٢ ) فدعا ربه أن.....
) إِنَّ هَؤُلآء ( بأن هؤلاء، أي : دعا ربه بذلك. قيل : كان دعاؤه : اللَّهم عجل لهم ما يستحقونه بإجرامهم : وقيل هو قوله :) رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( ( يونس :


الصفحة التالية
Icon