" صفحة رقم ٢٧٩ "
٨٥ ) وإنما ذكر الله تعالى السبب الذي استوجبوا به الهلاك، وهو كونهم مجرمين. وقرىء ( إنّ هؤلاء ) بالكسر على إضمار القول، أي : فدعا ربه فقال : إن هؤلاء ) فَأَسْرِ ( قرىء بقطع الهمزة من أسرى، ووصلها من سرى. وفيه وجهان : إضمار القول بعد الفاء، فقال : أسر بعبادي. وأن يكون جواب شرط محذوف، كأنه قيل : قال إن كان الأمر كما تقول فأسر ) بِعِبَادِى ( يعني : فأسر ببني إسرائيل، فقد دبر الله أن تتقدموا ويتبعكم فرعون وجنوده، فينجي المتقدمين ويغرق التابعين. الرهو فيه وجهان، أحدهما : أنه الساكن. قال الأعشى : يَمْشِينَ رَهْواً فَلاَ الأَعْجَازُ خَاذِلَة
وَلاَ الصُّدُورُ عَلَى الأَعْجَازِ تَتَّكِلُ
أي مشياً ساكناً على هينة. أراد موسى لما جاوز البحر أن يضربه بعصاه فينطبق، كما ضربه فانفلق، فأمر بأن يتركه ساكناً على هيئته، قارّاً على حاله : من انتصاب الماء، وكون الطريق يبساً لا يضربه بعصاه ولا يغير منه شيئاً ليدخله القبط، فإذا حصلوا فيه أطبقه الله عليهم. والثاني : أن الرهو الفجوة الواسعة. وعن بعض العرب : أنه رأى جملاً فالجاً فقال : سبحان الله، رهوٌ بين سنامين، أي : اتركه مفتوحاً على حاله منفرجاً ) إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ( وقرىء بالفتح، بمعنى : لأنهم.
) كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ (
الدخان :( ٢٥ ) كم تركوا من.....
والمقام الكريم : ما كان لهم من المجالس والمنازل الحسنة. وقيل : المنابر. والنعمة بالفتح من التنعم، وبالكسر من الإنعام. وقرىء :( فاكهين ) وفكهين.
) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً ءَاخَرِينَ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَآءُ وَالاٌّ رْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ (
الدخان :( ٢٨ ) كذلك وأورثناها قوما.....
) كَذَلِكَ ( الكاف منصوبة على معنى : مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها ) وَأَوْرَثْنَاهَا ( أو في موضع الرفع على الأمر كذلك ) قَوْماً ءاخَرِينَ ( ليسوا منهم في شيء من قرابة ولا دين ولا ولاء، وهم بنو إسرائيل : كانوا متسخرين مستعبدين في أيديهم، فأهلكهم الله على أيديهم، وأورثهم ملكهم وديارهم. إذا مات رجل خطير قالت العرب في تعظيم مهلكة : بكت عليه السماء والأرض، وبكته الريح، وأظلمت له الشمس. وفي حديث رسول الله ( ﷺ )


الصفحة التالية
Icon