" صفحة رقم ٢٨٥ "
صب العذاب طريقة الاستعار، كقوله : صُبَّتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ الدَّهْرِ مِنْ صَبَبِ ;
وكقوله تعالى :) أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ( ( البقرة : ٢٥٠ ) فذكر العذاب معلقاً به الصب، مستعاراً له، ليكون أهول وأهيب يقال :) ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( على سبيل الهزؤ والتهكم بمن كان يتعزز ويتكرم على قومه. وروي أنّ أبا جهل قال لرسول الله ( ﷺ ) : ما بين جبليها أعز ولا أكرم مني، فوالله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئاً. وقرىء :( إنك ) بمعنى : لأنك. وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قرأ به على المنبر ) إِنَّ هَاذَا ( العذاب. أو إن هذا الأمر هو ) مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( أي تشكون. أو تتمارون وتتلاجون.
) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى مَقَامٍ أَمِينٍ فِى جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ ءَامِنِينَ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الاٍّ ولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (
الدخان :( ٥١ ) إن المتقين في.....
قرىء :( في مقام ) بالفتح : وهو موضع القيام، والمراد المكان، وهو من الخاص الذي وقع مستعملاً في معنى العموم. وبالضم : وهو موضع الإقامة. و ) الاْمِينُ ( من قولك : أمن الرجل أمانة فهو أمين. وهو ضد الخائن، فوصف به المكان استعارة ؛ لأنّ المكان المخيف كأنما يخون صاحبه بما يلقى فيه من المكاره. قيل : السندس : ما رق من الديباج. والإستبرق : ما غلظ منه وهو تعريب استبر. فإن قلت : كيف ساغ أن يقع في القرآن العربي المبين لفظ أعجمي ؟ قلت : إذا عرب خرج من أن يكون عجمياً ؛ لأن معنى التعريب أن يجعل عربياً بالتصرف فيه، وتغييره عن منهاجه، وإجرائه على أوجه الإعراب ) كَذَلِكَ ( الكاف مرفوع على الأمر كذلك. أو منصوب على : مثل ذلك أثبناهم ) وَزَوَّجْنَاهُم ( وقرأ عكرمة ( بحور عين ) على الإضافة : والمعنى : بالحور من العين ؛ لأن العين إما أن تكون حوراً أو غير حور، فهؤلاء من الحور العين لا من شهلهن مثلاً. وفي قراءة عبد الله :( بعيس عين ) والعيساء : البيضاء تعلوها حمرة وقرأ


الصفحة التالية
Icon