" صفحة رقم ٢٩٠ "
وذلك أنّ غمرات الموت حقيقة، بأن ينجو رائيها بنفسه ويطلب الفرار عنها. وأمّا زيارتها والإقدام على مزاولتها. فأمر مستبعد، فمعنى ثم : الإيذان بأن فعل المقدّم عليها بعدما رآها وعاينها ؛ شيء يستعبد في العادات والطباع، وكذلك آيات الله الواضحة الناطقة بالحق، من تليت عليه وسمعها : كان مستبعداً في العقول إصراره على الضلالة عندها واستكباره عن الإيمان بها ) - - ه ٤ س ٤٥ ش ٨ ن ٩ / ن ٩ - - كَأَن ( مخففة، والأصل كأنه لم يسمعها : والضمير ضمير الشأن، كما في قوله :
كَأَنْ ظَبْيَةً تعطو إِلَى نَاضِرِ السَّلَمْ
ومحل الجملة النصب على الحال. أي : يصير مثل غير السامع ) - - ه ٤ س ٤٥ ش ٩ ن ١ / ن ١ - - وَإِذَا ( بلغه شيء من آياتنا وعلم أنه منها ) اتَّخَذَهَا ( أي اتخذ الآيات ) هُزُواً ( ولم يقل : اتخذه، للإشعار بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات التي أنزلها الله تعالى على محمد ( ﷺ ) : خاض في الاستهزاء بجميع الآيات. ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه، ويحتمل : وإذا علم من آياتنا شيئاً يمكن أن يتشبث به المعاند ويجد له محملاً يتسلق به على الطعن والغميزة : افترصه واتخذ آيات الله هزواً، وذلك نحو افتراص ابن الزبعري قوله عز وجل :) إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ( ( الأنبياء : ٩٨ ) ومغالطته رسول الله ( ﷺ )، وقوله : خصتمك. ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء ؛ لأنه في معنى الآية كقول أبي العتاهية : نَفْسِي بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا مُعَلَّقَة
أللَّهُ وَالْقَائِمُ الْمَهْدِيُّ يَكْفِيَهَا
حيث أراد عتبة. وقرىء :( علم أولئك ) إشارة إلى كل أفاك أثيم، لشموله الأفاكين. والوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام. قال : أَلَيْسَ وَرَائِي أَنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي
أَدِبُّ مَعَ الْوِلْدَانِ أَزْحَفُ كَالنَّسْرِ
ومنه قوله عز وجل :) مّن وَرَائِهِمْ ( أي من قدّامهم ) مَّا كَسَبُواْ ( من الأموال في رحلهم ومتاجرهم ) وَلاَ مَا اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ ( من الأوثان.