" صفحة رقم ٣٠٠ "
) لِلْحَقّ ( مثلها في قوله :) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ لَوْ كَانَ خَيْراً ( ( الأحقاف : ١١ ) أي لأجل الحق ولأجل الذين آمنوا. والمراد بالحق : الآيات، وبالذين كفروا : المتلو عليهم، فوضع الظاهران موضع الضميرين ؛ للتسجيل عليهم بالكفر، وللمتلوّ بالحق ) لَمَّا جَاءهُمْ ( أي : بادهوه بالجحود ساعة أتاهم، وأوّل ما سمعوه من غير إجالة فكر ولا إعادة نظر. ومن عنادهم وظلمهم : أنهم سموه سحراً مبيناً ظاهراً أمره في البطلان لا شبهة فيه.
) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (
الأحقاف :( ٨ ) أم يقولون افتراه.....
) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ( إضراب عن ذكر تسميتهم الآيات سحراً إلى ذكر قولهم : إن محمداً افتراه. ومعنى الهمزة أم : الإنكار والتعجيب، كأنه قيل : دع هذا واسمع قولهم المستنكر المفضى منه العجب، وذلك أن محمداً كان لا يقدر عليه حتى يقوله ويفتريه على الله، ولو قدر عليه دون أمّة العرب لكانت قدرته عليه معجزة لخرقها العادة، وإذا كانت معجزة كانت تصديقاً من الله له، والحكيم لا يصدّق الكاذب فلا يكون مفترياً. والضمير للحق ؛ والمراد به الآيات ) قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ ( على سبيل الفرض عاجلني الله تعالى لا محالة بعقوبة الافتراء عليه. فلا تقدرون على كفه عن معاجلتي ولا تطيقون دفع شيء من عقابه عني، فكيف أفتريه وأتعرّض لعقابه. يقال : فلان لا يملك إذا غضب، ولا يملك عنانه إذا صمم، ومثله :) فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ( ( المائدة : ١٧ )، ) وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ( ( المائدة : ٤١ ) ومنه قوله عليه السلام :
( ١٠٢٥ ) ( لا أملك لكم من الله شيئاً )، ثم قال :) هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ ( أي تندفعون فيه من القدح في وحي الله تعالى، والطعن في آياته، وتسميته سحراً تارة وفرية أخرى ) كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ ( يشهد لي بالصدق والبلاغ، ويشهد عليكم بالكذب والجحود. ومعنى ذكر العلم والشهادة وعيد بجزاء إفاضتهم ) وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( موعدة بالغفران والرحمة إن رجعوا عن الكفر وتابوا وآمنوا، وإشعار بحلم الله عنهم مع عظم ما


الصفحة التالية
Icon