" صفحة رقم ٣٠١ "
ارتكبوا. فإن قلت : فما معنى إسناد الفعل إليهم في قوله تعالى : فلا تملكون لي ؟ قلت : كان فيما أتاهم به النصيحة لهم والأشفاق عليهم من سوء العاقبة وإرادة الخير بهم، فكأنه قال لهم : إن افتريته وأنا أريد بذلك التنصح لكم وصدكم عن عبادة الآلهة إلى عبادة الله، فما تغنون عني أيها المنصوحون إن أخذني الله بعقوبة الافتراء عليه.
) قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ الرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (
الأحقاف :( ٩ ) قل ما كنت.....
البدع، بمعنى : البديع، كالخف بمعنى الخفيف. وقرىء ( بدعا ) بفتح الدال، أي : ذا بدع ويجوز أن يكون صفة على فعل، كقولهم : دين قيم، ولحم زيم : كانوا يقترحون عليه الآيات ويسألونه عما لم يوح به إليه من الغيوب. فقيل له :) قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ الرُّسُلِ ( فآتيكم بكل ما تقترحونه، وأخبركم بكل ما تسألون عنه من المغيبات ؛ فإنّ الرسل لم يكونوا يأتون إلا بما آتاهم من آياته، ولا يخبرون إلا بما أوحى إليهم. ولقد أجاب موسى صلوات الله عليه عن قول فرعون :( فما بال القرون الأولى ) ؟ بقوله :( علمها عند ربي ) ) وَمَا أَدْرِى ( لأنه لا علم لي بالغيب ما يفعل الله بي وبكم فيما يستقبل من الزمان من أفعاله، ويقدّر لي ولكم من قضاياه ) إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَىَّ ( وعن الحسن : وما أدري ما يصير إليه أمري وأمركم في الدنيا، ومن الغالب منا والمغلوب. وعن الكلبي : قال له أصحابه وقد ضجروا من أذى المشركين : حتى متى نكون على هذا ؟ فقال :( ما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) أأترك بمكة أم أومر بالخروج


الصفحة التالية
Icon