" صفحة رقم ٣١٦ "
اولئك جن نصيبين وكانوا اثنى عشر ألفاً، والسورة التي قرأها عليهم :) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ ( ( العلق : ١ ). فإن قلت : كيف قالوا :) مِن بَعْدِ مُوسَى ( ؟ قلت : عن عطاء رضي الله عنه : أنهم كانوا على اليهودية. وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إنّ الجنّ لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام، فلذلك قالت ) مِن بَعْدِ مُوسَى (. فإن قلت : لم بعَّض في قوله :) مّن ذُنُوبِكُمْ ( ؟ قلت : لأن من الذنوب مالا يغفر بالإيمان كذنوب المظالم ونحوها. ونحوه قوله عزّ وجل :) أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ ( ( نوح : ٣ ٤ ). فإن قلت : هل للجن ثواب كما للإنس ؟ قلت : اختلف فيه فقيل : لا ثواب لهم إلا النجاة من النار، لقوله تعالى :) وَيُجِرْكُمْ مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ( وإليه كان يذهب أبو حنيفة رحمه الله. والصحيح أنهم في حكم بني آدم، لأنهم مكلفون مثلهم ) فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى الاْرْضَ ( أي : لا ينجي منه مهرب، ولا يسبق قضاءه سابق. ونحوه قوله تعالى :) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِى الاْرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً ( ( الجن : ١٢ ).
) أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْىِ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ (
الأحقاف :( ٣٣ ) أو لم يروا.....
) بِقَادِرٍ ( محله الرفع ؛ لأنه خبر أن، يدل عليه قراءة عبد الله ( قادر ) وإنما دخلت الباء لاشتمال النفي في أوّل الآية على أن وما في حيزها. وقال الزجاج : لو قلت : ما ظننت أنّ زيداً يغائم : جاز، كأنه قيل : أليس الله بقادر. ألا ترى إلى وقوع بلى مقرّره للقدرة على كل شيء من البعث وغيره، لا لرؤيتهم. وقرىء :( يقدر )، ويقال : عييت بالأمر، إذا لم تعرف وجهه. ومنه :) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الاْوَّلِ ( ( ق : ١٥ ).
) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَاذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (
الأحقاف :( ٣٤ ) ويوم يعرض الذين.....
) أَلَيْسَ هَاذَا بِالْحَقّ ( محكى بعد قول مضمر، وهذا المضمر هو ناصب الظرف. وهذا إشارة إلى العذاب، بدليل قوله تعالى :) فَذُوقُواْ الْعَذَابَ ( والمعنى : التهكم بهم،