" صفحة رقم ٣٢٨ "
الإفساد ؟ فإن قلت : فكيف يصح هذا في كلام الله عز وعلا وهو عالم بما كان وبما يكون ؟ قلت : معناه إنكم لما عهد منكم أحقاء بأن يقول لكم كل من ذاقكم وعرف تمريضكم ورخاوة عقدكم في الإيمان : يا هؤلاء، ما ترون ؟ هل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم لما تبين منكم من الشواهد ولاح من المخايل ) أَن تُفْسِدُواْ فِى الاْرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ ( تناحرا على الملك وتهالكا على الدنيا ؟ وقيل : إن أعرضتم وتوليتم عن دين رسول الله ( ﷺ ) وسنته أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض : بالتغاور والتناهب، وقطع الأرحام : بمقاتلة بعض الأقارب بعضاً ووأد البنات ؟ وقرىء :( وليتم ). وفي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه :( تُوِلِّتُم ) أي : إن تولاكم ولاة غشمة خرجتم معهم ومشيتم تحت لوائهم وأفسدتم بإفسادهم ؟ وقرىء :( وتَقْطَعُوا ) ( وتقطعوا ) من التقطيع والتقطع ) أَوْلَائِكَ ( إشارة إلى المذكورين ) لَّعَنَهُمُ اللَّهُ ( لإفسادهم وقطعهم الأرحام، فمنعهم ألطافه وخذلهم، حتى صموا عن استماع الموعظة، وعموا عن إبصار طريق الهدى. ويجوز أن يريد بالذين آمنوا : المؤمنين الخلص الثابتين، وأنهم يتسوفون إلى الوحي إذا أبطأ عليهم، فإذا أنزلت سورة في معنى الجهاد : رأيت المنافقين فيما بينهم يضجرون منها.
) أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ (
محمد :( ٢٤ ) أفلا يتدبرون القرآن.....
) أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ ( ويتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد العصاة، حتى لا يجسروا على المعاصي، ثم قال :) أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ( وأم بمعنى بل وهمزة التقرير، للتسجيل عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يتوصل إليها ذكر. وعن قتادة : إذاً والله يجدوا في القرآن زاجراً عن معصية الله لو تدبروه، ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا. فإن قلت : لم نكرت القلوب وأضيفت الأقفال إليها ؟ قلت : أما التنكير ففيه وجهان : أن يراد على قلوب قاسية مبهم أمرها في ذلك. أو يراد على بعض القلوب : وهي قلوب المنافقين. وأما إضافة الأقفال ؛ فلأنه يريد الأقفال المختصة بها، وهي أقفال الكفر التي استغلقت فلا تنفتح. وقرىء :( إقفالها ) على المصدر.
) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّواْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ الاٌّ مْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ