" صفحة رقم ٣٣٤ "
( سورة الفتح )
مدنية ( نزلت في الطريق عند الانصراف من الحديبية )
وآياتها ٢٩ ( نزلت بعد الجمعة )
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
) إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً (الفتح :( ١ ) إنا فتحنا لك.....
هو فتح مكة، وقد نزلت مرجع رسول الله ( ﷺ ) عن مكة عام الحديبية عدة له بالفتح، وجيء به على لفظ الماضي على عادة رب العزة سبحانه في أخباره ؛ لأنها في تحققها وتيقنها بمنزلة الكائنة الموجودة، وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخْبِر ما لا يخفى. فإن قلت : كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة ؟ قلت : لم يجعل علة للمغفرة، ولكن لاجتماع ما عدّد من الأمور الأربعة : وهي المغفرة وإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم والنصر العزيز، كأنه قيل : يسرنا لك فتح مكة، ونصرناك على عدوّك، لنجمع لك بين عز الدارين وأغراض العاجل والآجل. ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث إنه جهاد للعدوّ سبباً للغفران والثواب والفتح والظفر بالبلد عنوة أو صلحاً بحرب أو بغير حرب، لأنه منغلق ما لم يظفر به، فإذا ظفر به وحصل في اليد فقد فتح. وقيل : هو فتح الحديبية، ولم يكن فيه قتال شديد، ولكن ترام بين القوم بسهام وحجارة. وعن ابن عباس رضي الله عنه : رموا المشركين حتى أدخلوهم ديارهم. وعن الكلبي : ظهروا عليهم حتى سألوا الصلح. فإن قلت : كيف يكون فتحاً وقد أحصروا فنحروا وحلقوا بالحديبية ؟ قلت : كان ذلك قبل الهدنة، فلما طلبوها وتمت كان فتحاً مبيناً. وعن