" صفحة رقم ٣٥١ "
( سورة الحجرات )
مدنية، وآياتها ١٨ ( نزلت بعد المجادلة )
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
) ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الحجرات :( ١ ) يا أيها الذين.....
قدّمه وأقدمه : منقولان بتثقيل الحشو والهمزة، مِنْ قَدَمَهُ إذا تقدّمه، في قوله تعالى :) يَقْدُمُ قَوْمَهُ ( ( هود : ٩٨ ) ونظيرهما معنى ونقلاً : سلفه وأسلفه. وفي قوله تعالى :) لاَ تُقَدّمُواْ ( من غير ذلك مفعول : وجهان، أحدهما : أن يحذف ليتناول كل ما يقع في النفس مما يقدّم. والثاني : أن لا يقصد قصد مفعول ولا حذفه، ويتوجه بالنهي إلى نفس التقدمة، كأنه قيل : لا تقدموا على التلبس بهذا الفعل، ولا تجعلوه منكم بسبيل كقوله تعالى :) هُوَ الَّذِى لاَ إِلَاهَ ( ( غافر : ٦٨ ) ويجوز أن يكون من قدّم بمعنى تقدّم، كوجه وبين. ومنه مقدّمة الجيش خلاف ساقته، وهي الجماعة المتقدّمة منه. وتعضده قراءة من قرأ :( لا تقدموا ) بحذف إحدى تاءي تتقدموا، إلا أن الأوّل أملأ بالحسن وأوجه، وأشدّ ملاءمة لبلاغة القرآن، والعلماء له أقبل. وقرىء :( لا تقدموا ) من القدوم، أي لا تقدموا إلى أمر من أمور الدين قبل قدومها، ولا تعجلوا عليهما. وحقيقة قولهم : جلست بين يدي فلان، أن يجلس بين الجهتين المسامتتين ليمينه وشماله قريباً منه، فسميت الجهتان يدين لكونهما على سمت اليدين مع القرب منهما توسعاً، كما يسمى الشيء باسم غيره إذا جاوره وداناه في غير موضع، وقد جرت هذه العبارة هاهنا على سنن ضرب من المجاز، وهو الذي يسميه أهل البيان تمثيلاً. ولجريها هكذا فائدة جليلة ليست