" صفحة رقم ٣٧٦ "
( ١٠٧٦ ) أنه خطب فرفع صوته حتى أسمع العواتق في خدورهنّ. قال : يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تتبعوا عورات المسلمين : فإن من تتبع عورات المسلمين تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته. وعن زيد بن وهب : قلنا لابن مسعود : هل لك في الوليد بن عقبة بن أبي معيط تقطر لحيته خمراً ؟ فقال ابن مسعود : إنا قد نهينا عن التجسس، فإن ظهر لنا شيء أخذنا به. غابه واغتابه : كغاله واغتاله. والغيبة من الاغتياب، كالغيلة من الاغتيال : وهي ذكر السوء في الغيبة
( ١٠٧٧ ) سئل رسول الله ( ﷺ ) عن الغيبة فقال :( أن تذكر أخاك بما يكره. فإن كان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته ) وعن ابن عباس رضي الله عنهما : الغيبة إدام كلاب الناس ) أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ ( تمثيل وتصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفظع وجه وأفحشه. وفيه مبالغات شتى : منها الاستفهام الذي معناه التقرير. ومنها جعل ما هو في الغاية من الكراهة موصولاً بالمحبة. ومنها إسناد الفعل إلى أحدكم والإشعار بأن أحداً من الأحدين لا يحب ذلك. ومنها أن لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان، حتى جعل الإنسان أخاً. ومنها أن لم يقتصر على أكل لحم الأخ حتى جعل ميتاً. وعن قتادة : كما تكره إن وجدت جيفة مدوّدة أن تأكل منها، كذلك فاكره لحم أخيك وهو حي. وانتصب ) مَيْتًا ( على الحال من اللحم. ويجوز أن ينتصب عن الأخ. وقرىء :( ميِّتا ) ولما قرّرهم عز وجل بأنّ أحداً منهم لا يحب أكل جيفة أخيه، عقب ذلك بقوله تعالى :) فَكَرِهْتُمُوهُ ( معناه : فقد كرهتموه واستقرّ ذلك. وفيه معنى الشرط، أي : إن صحّ هذا فكرهتموه، وهي الفاء الفصيحة، أي : فتحققت بوجوب الإقرار عليكم وبأنكم لا تقدرون على دفعه وإنكاره : لإباء البشرية عليكم أن تجحدوه كراهتكم له وتقذركم منه، فليتحقق أيضاً أن تكرهوا ما هو نظيره من الغيبة والطعن في