" صفحة رقم ٤٢١ "
وَقَدْ جَعَلَتْنِي مِنْ حَزِيمَةَ أَصْبُعَا
فإن قلت : كيف تقدير قوله :) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ ( ؟ قلت : تقديره فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين، فحذفت هذه المضافات كما قال أبو على في قوله : وقد جعلتني من حزيمة أصبعا أي : ذا مقدار مسافة أصبع ) أَوْ أَدْنَى ( أي على تقديركم، كقوله تعالى :) أَوْ يَزِيدُونَ ( ( الصافات : ١٤٧ ). ) إِلَى عَبْدِهِ ( إلى عبد الله، وإن لم يجر لاسمه عزّ وجل ذكر، لأنه لا يلبس ؛ كقوله :) عَلَى ظَهْرِهَا ( ( فاطر : ٤٥ ). ) مَا أَوْحَى ( تفخيم للوحي الذي أوحي إليه : قيل أوحي إليه ( إنّ الجنة محرّمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك ) ) مَا كَذَبَ ( فؤاد محمد ( ﷺ ) ما رآه ببصره من صورة جبريل عليه السلام، أي : ما قال فؤاده لما رآه : لم أعرفك، ولو قال ذلك لكان كاذباً، لأنه عرفه، يعني : أنه رآه بعينه وعرفه بقلبه، ولم يشك في أنّ ما رآه حق وقرىء :( ما كذب ) أي صدقه ولم يشك أنه جبريل عليه السلام بصورته ) أَفَتُمَارُونَهُ ( من المراء وهو الملاحاة والمجادلة واشتقاقه من مري الناقة، كأن كل واحد من المتجادلين يمرى ما عند صاحبه. وقرىء :( أفتمرونه ) أفتغلبونه في المراء، من ماريته فمريته، ولما فيه من معنى الغلبة عدّى بعلى، كما تقول : غلبته على كذا : وقيل : أفتمرونه : أفتجدونه. وأنشدوا :
لَئِنْ هَجَوْتَ أَخَاً صِدْقٍ وَمَكْرُمَة لَقَدْ مَرَيْتَ أخاً مَا كَانَ يَمْرِيكاً
وقالوا : يقال مريته حقه إذا جحدته، وتعديته بعلى لا تصح إلا على مذهب التضمين ) نَزْلَةً أُخْرَى ( مرة أخرى من النزول، نصبت النزلة نصب الظرف الذي هو مرة، لأنّ


الصفحة التالية
Icon