" صفحة رقم ٤٣٤ "
) قَبْلَهُمْ ( قبل أهل مكة ) فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا ( يعني نوحاً. فإن قلت : ما معنى قوله تعالى :) فَكَذَّبُواْ ( بعد قوله :) كَذَّبَتْ ( ؟ قلت : معناه : كذبوا فكذبوا عبدنا أي : كذبوه تكذيباً على عقب تكذيب، كلما مضى منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب. أو كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا، أي : لما كانوا مكذبين بالرسل جاحدين للنبوّة رأساً : كذبوا نوحًا ؛ لأنه من جملة الرسل ) مَّجْنُونٍ ( هو مجنون ) وَازْدُجِرَ ( وانتهروه بالشتم والضرب والوعيد بالرجم في قولهم ) لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُرْجُومِينَ ( ( الشعراء : ١١٦ ) وقيل : هو من جملة قيلهم، أي : قالوا هو مجنون، وقد ازدجرته الجن وتخبطته وذهبت بلبه وطارت بقلبه. قرىء :( أني ) بمعنى : فدعا بأني مغلوب، وإني : على إرادة القول، فدعا فقال : إني مغلوب غلبني قومي، فلم يسمعوا مني واستحكم اليأس من إجابتهم لي ) فَانتَصِرْ ( فانتقم منهم بعذاب تبعثه عليهم، وإنما دعا بذلك بعد ما طم عليه الأمروبلغ السيل الزبا، فقد روى : أنّ الواحد من أمّته كان يلقاه فيخنقه حتى يخر مغشياً عليه. فيفيق وهو يقول : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. وقرىء :( ففتحنا ) مخففاً ومشدّداً، وكذلك وفجرنا ) مُّنْهَمِرٍ ( منصب في كثرة وتتابع لم ينقطع أربعين يوماً ) وَفَجَّرْنَا الاْرْضَ عُيُوناً ( وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون تتفجر، وهو أبلغ من قولك : وفجرنا عيون الأرض ونظيره في النظم ) وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ( ( مريم : ٤ ). ) فَالْتَقَى المَاء ( يعني مياه السماء والأرض. وقرىء :( الماآن )، أي : النوعان من الماء السماوي والأرضي. ونحوه قولك : عندي تمران، تريد : ضربان من التمر : برني ومعقلي. قال :


الصفحة التالية
Icon