" صفحة رقم ٤٣٩ "
وقصدت بكرة نهارك وغدوته ) عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ ( ثابت قد استقرّ عليهم إلى أن يفضى بهم إلى عذاب الآخرة. فإن قلت : ما فائدة تكرير قوله ) فَذُوقُواْ عَذَابِى وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءانَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ( ؟ قلت : فائدته أن يجدّدوا عند استماع كل نبإ من أنباء الأوّلين ادكاراً واتعاظاً، وأن يستأفنوا تنبهاً واستيقاظاً، إذا سمعوا الحث على ذلك والبعث عليه، وأن يقرع لهم العصا مرات، ويقعقع لهم الشن تارات ؛ لئلا يغلبهم السهو ولا تستولى عليهم الغفلة، وهكذا حكم التكرير، كقوله :) فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ ( ( الرحمن : ١٣ ) عند كل نعمة عدّها في سورة الرحمن، وقوله :) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ ( ( المرسلات : ١٥ ) عند كل آية أوردها في سورة والمرسلات، وكذلك تكرير الأنباء والقصص في أنفسها لتكون تلك العبر حاضرة للقلوب. مصورة للأذهان، مذكورة غير منسية في كل أوان.
) وَلَقَدْ جَآءَ ءَالَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ كَذَّبُواْ بِأايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ (
القمر :( ٤١ ) ولقد جاء آل.....
) النُّذُرُ ( موسى وهرون وغيرهما من الأنبياء، لأنهما عرضا عليهم ما أنذر به المرسلون. أو جمع نذير وهو الإنذار ) بِأايَاتِنَا كُلِّهَا ( بالآيات التسع ) أَخْذَ عِزِيزٍ ( لا يغالب ) مُّقْتَدِرٍ ( لا يعجزه شيء.
) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَائِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِى الزُّبُرِ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (
القمر :( ٤٣ - ٤٦ ) أكفاركم خير من.....
) أَكُفَّارُكُمْ ( يا أهل مكة ) خَيْرٌ مّنْ أُوْلَئِكُمْ ( الكفار المعدودين : قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون، أي أهم خير قوّة وآلة ومكانة في الدنيا. أو أقل كفراً وعناداً يعني : أنّ كفاركم مثل أولئك بل شر منهم ) أَمْ ( أنزلت عليكم يا أهل مكة ) بَرَاءةٌ ( في الكتب المتقدّمة. أنّ من كفر منكم وكذب الرسل كان آمناً من عذاب الله، فأمنتم بتلك البراءة ) نَحْنُ جَمِيعٌ ( جماعة أمرنا مجتمع ) مُّنتَصِرٌ ( ممتنع لا نرام ولا نضام. وعن أبي جهل أنه ضرب فرسه يوم بدر، فتقدَّم في الصف وقال : نحن ننتصر اليوم من محمد وأصحابه، فنزلت ) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ( عن عكرمة :
( ١١١٣ ) لما نزلت هذه الآية قال عمر : أي جمع يهزم، فلما رأى رسول الله ( ﷺ )


الصفحة التالية
Icon