" صفحة رقم ٤٥٠ "
جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الأغلال، فيغمسون فيه حتى تنخلع أوصالهم ؛ ثم يخرجون منه وقد أحدث الله لهم خلقاً جديداً. وقرىء :( يطوّفون ) من التطويف. ويطوّفون، أي : يتطوّفون ويطافون. وفي قراءة عبد الله :( هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليان لا تموتان فيها ولا تحييان يطوفون بينهما ) ونعمة الله فيما ذكره من هول العذاب : نجاة الناجي منه برحمته وفضله، وما في الإنذار به من اللطف.
) وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (
الرحمن :( ٤٦ ) ولمن خاف مقام.....
) مَقَامَ رَبّهِ ( موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة ) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبّ الْعَالَمِينَ ( ( المطففين : ٦ ) ونحوه :) لِمَنْ خَافَ مَقَامِى ( ( إبراهيم : ١٤ ) ويجوز أن يراد بمقام ربه : أن الله قائم عليه ؛ أي : حافظ مهيمن من قوله تعالى :) أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ( ( الرعد : ٣٣ ) فهو يراقب ذلك فلا يجسر على معصيته. وقيل : هو مقحم كما تقول : أخاف جانب فلان، وفعلت هذا لمكانك. وأنشد : ذَعَرْتُ بِهِ الْقَطَا وَنَفَيْتُ عَنْه
مَقَامَ الذئْبِ كَالرَّجُلِ اللَّعِينِ
يريد : ونفيت عنه الذئب. فإن قلت : لم قال :) جَنَّتَانِ ( ؟ قلت : الخطاب للثقلين ؛ فكأنه قيل : لكل خائفين منكما جنتان : جنة للخائف الإنسي، وجنة للخائف الجني. ويجوز أن يقال : جنة لفعل الطاعات، وجنة لترك المعاصي ؛ لأن التكليف دائر عليهما وأن يقال : جنة يثاب بها، وأخرى تضم إليها على وجه التفضل، كقوله تعالى :) لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ( ( يونس : ٢٦ ) خص الأفنان بالذكر : وهي الغصنة التي تتشعب من فروع الشجرة : لأنها هي التي تورق وتثمر، فمنها تمتد الظلال، ومنها تجتني الثمار. وقيل : الأفنان ألوان النعم ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. قال : وَمِنْ كُلِّ أَفْنَانِ اللَّذَاذَةِ وَالصَّبَا
لَهَوْتُ لَهَوْتُ بِهِ وَالْعَيْشُ أَخْضَرُ نَاضِرُ
) عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ( حيث شاءوا في الأعالي والأسافل. وقيل : تجريان من جبل من


الصفحة التالية
Icon