" صفحة رقم ٤٧١ "
معنى الواو ؟ قلت الواو الأولى معناها الدلالة على أنه الجامع بين الصفتين الأولية والآخرية، والثالثة على أنه الجامع بين الظهور والخفاء. وأما الوسطى، فعلى أنه الجامع بين مجموع الصفتين الأوليين ومجموع الصفتين الآخريين، فهو المستمر الوجود في جميع الأوقات الماضية والآتية، وهو في جميعها ظاهر وباطن : جامع للظهور بالأدلة والخفاء، فلا يدرك بالحواس. وفي هذا حجة على من جوّز إدراكه في الآخرة بالحاسة. وقيل : الظاهر العالي على كل شيء الغالب له، من ظهر عليه إذا علاه وغلبه. والباطن الذي بطن كل شيء، أي علم باطنه : وليس بذاك مع العدول عن الظاهر المفهوم.
) ءَامِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ (
الحديد :( ٧ - ٨ ) آمنوا بالله ورسوله.....
) مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ( يعن أن الأموال التي في أيديكم إنما هي أموال الله بخلقه وإنشائه لها، وإنما موّلكم إياها، وخوّلكم الاستمتاع بها، وجعلكم خلفاء في التصرف فيها، فليست هي بأموالكم في الحقيقة. وما أنتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنوّاب، فأنفقوا منها في حقوق الله، وليهن عليكم الإنفاق منها كما يهون على الرجل النفقة من مال غيره إذا أذن له فيه. أو جعلكم مستخلفين ممن كان قبلكم فيما في أيديكم : بتوريثه إياكم، فاعتبروا بحالهم حيث انتقل منهم إليكم، وسينقل منكم إلى من بعدكم ؛ فلا تبخلوا به، وانفعوا بالإنفاق منها أنفسكم ) لاَ تُؤْمِنُونَ ( حال من معنى الفعل في مالكم، كما تقول : مالك قائماً، بمعنى : ما تصنع قائماً، أي : وما لكم كافرين بالله. والواو في ) وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ ( واو الحال، فهما حالان متداخلتان. وقرىء :( وما لكم لا تؤمنون بالله ورسوله والرسول يدعوكم والمعنى : وأي عذر لكم في ترك الإيمان والرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبراهين والحجج، وقبل ذلك قد أخذ الله


الصفحة التالية
Icon