" صفحة رقم ٤٧٧ "
) سَابِقُواْ ( سارعوا مسارعة المسابقين لأقرانهم في المضمار، إلى جنة ) عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالاْرْضِ ( قال السدي : كعرض سبع السموات وسبع الأرضين، وذكر العرض دون الطول ؛ لأنّ كل ماله عرض وطول فإنّ عرضه أقل من طوله، فإذا وصف عرضه بالبسطة : عرف أنّ طوله أبسط وأمدّ. ويجوز أن يراد بالعرض : البسطة، كقوله تعالى :) فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ ( ( فصلت : ٥١ ) لما حقر الدنيا وصغر أمرها وعظم أمر الآخرة : بعث عباده على المسارعة إلى نيل ما وعد من ذلك : وهي المغفرة المنجية من العذاب الشديد والفوز بدخول الجنة ) ذَلِكَ ( الموعود من المغفرة والجنة ) فَضَّلَ اللَّهُ ( عطاؤه ) يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء ( وهم المؤمنون.
) مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِى الاٌّ رْضِ وَلاَ فِى أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ ءَاتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ (
الحديد :( ٢٢ ) ما أصاب من.....
المصيبة في الأرض : نحو الجدب وآفات الزروع والثمار. وفي الأنفس : نحو الأدواء والموت ) فِى كِتَابِ ( في اللوح ) مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ( يعني الأنفس أو المصائب ) إِنَّ ذَلِكَ ( إنّ تقدير ذلك وإثباته في كتاب ) عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ( وإن كان عسيراً على العباد، ثم علل ذلك وبين الحكمة فيه فقال :) لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ وَلاَ تَفْرَحُواْ ( يعني أنكم إذا علمتم أنّ كل شيء مقدر مكتوب عند الله قلّ أساكم على الفائت وفرحكم على الآتي ؛ لأنّ من علم أن ما عنده معقود لا محالة : لم يتفاقم جزعه عند فقده، لأنه وطن نفسه على ذلك، وكذلك من علم أنّ بعض الخير واصل إليه، وأن وصوله لا يفوته بحال : لم يعظم فرحه عند نيله ) وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ( لأنّ من فرح بحظ من الدنيا وعظم في نفسه : اختال وافتخر به وتكبر على الناس. قرىء :( بما آتاكم ) وأتاكم، من الإيتاء والإتيان. وفي قراءة ابن مسعود ( بما أوتيتم ) فإن قلت : فلا أحد يملك نفسه عند مضرة تنزل به، ولا عند منفعة ينالها أن لا يحزن ولا يفرح. قلت : المراد : الحزن المخرج إلى ما يذهل صاحبه عن الصبر والتسليم لأمر الله ورجاء ثواب الصابرين، والفرح المطغى الملهى عن الشكر ؛ فأما الحزن الذي لا يكاد الإنسان يخلو منه مع الاستسلام، والسرور بنعمة الله والاعتداد بها مع الشكر : فلا بأس بهما ) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ( بدل من قوله :) كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ( كأنه قال : لا يحب الذين يبخلون، يريد : الذين يفرحون الفرح المطغى إذا رزقوا مالاً وحظاً من الدنيا فلحبهم له


الصفحة التالية
Icon