" صفحة رقم ٤٧٨ "
وعزته عندهم وعظمه في عيونهم : يزوونه عن حقوق الله ويبخلون به، ولا يكفيهم أنهم بخلوا حتى يحملوا الناس على البخل ويرغبوهم في الإمساك ويزينوه لهم، وذلك كله نتيجة فرحهم به وبطرهم عند إصابته ) وَمَن يَتَوَلَّ ( عن أوامر الله ونواهيه ولم ينته عما نهى عنه من الأسى على الفائت والفرح بالآتي : فإنّ الله غني عنه. وقرىء :( بالبخل ) وقرأ نافع :( فإنّ الله الغني )، وهو في مصاحف أهل المدينة والشام كذلك.
) لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ (
الحديد :( ٢٥ ) لقد أرسلنا رسلنا.....
) لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا ( يعني الملائكة إلى الأنبياء ) بِالْبَيِّنَاتِ ( بالحجج والمعجزات ) وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ ( أي الوحي ) وَالْمِيزَانَ ( روى أنّ جبريل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح وقال : مر قومك يزنوا به ) وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ ( قيل : نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد : السندان، والكلبتان، والميقعة والمطرقة، والإبرة. وروى : ومعه المر والمسحاة. وعن النبي ( ﷺ ) :
( ١١٣٢ ) ( أنّ الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض : أنزل الحديد، والنار، والماء، والملح. وعن الحسن ) وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ ( : خلقناه، كقوله تعالى :) وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الاْنْعَامِ ( ( الزمر : ٦٠ ) وذلك أنّ أوامره تنزل من السماء وقضاياه وأحكامه ) فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ( وهو القتال به ) وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ( في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم، فما من صناعة إلا والحديد آلة فيها ؛ أو ما يعمل بالحديد ) وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ ( باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين ) بِالْغَيْبِ ( غائباً عنهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما : ينصرونه ولا يبصرونه ) إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ ( غني بقدرته وعزته في إهلاك من يريد هلاكه عنهم، وإنما كلفهم الجهاد لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الأمر فيه إلى الثواب.