" صفحة رقم ٤٩٩ "
بالحيرة. اللام في ) لاِوَّلِ الْحَشْرِ ( تتعلق بأخرج، وهي اللام في قوله تعالى :) يَقُولُ يالَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى ( ( الفجر : ٢٤ ) وقولك : جئته لوقت كذا. والمعنى : أخرج الذين كفروا عند أوّل الحشر. ومعنى أوّل الحشر : أن هذا أوّل حشرهم إلى الشأم، وكانوامن سبط لم يصبهم جلاء قط، وهم أوّل من أخرج من أهل الكتاب من جزيرة العرب إلى الشام. أو هذا أوّل حشرهم ؛ وآخر حشرهم : إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام. وقيل : آخر حشرهم حشر يوم القيامة ؛ لأنّ المحشر يكون بالشام. وعن عكرمة : من شك أنّ المحشر ههنا يعني الشام فليقرأ هذه الآية. وقيل : معناه أخرجهم من ديارهم لأوّل ما حشر لقتالهم : لأنه أوّل قتال قاتلهم رسول الله ( ﷺ ) :) مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ ( لشدة بأسهم ومنعتهم، ووثاقة حصونهم، وكثرة عددهم وعدتهم، وظنوا أنّ حصونهم تمنعهم من بأس الله ) فَأَتَاهُمُ ( أمر الله ) مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ ( من حيث لم يظنوا ولم يخطر ببالهم : وهو قتل رئيسهم كعب بن الأشرف غرّة على يد أخيه، وذلك مما أضعف قوتهم وفل من شوكتهم، وسلب قلوبهم الأمن والطمأنينة بما قذف فيها من الرعب، وألهمهم أن يوافقوا المؤمنين في تخريب بيوتهم ويعينوا على أنفسهم، وثبط المنافقين الذين كانوا يتولونهم عن مظاهرتهم. وهذا كله لم يكن في حسبانهم. ومنه أتاهم الهلاك. فإن قلت : أي فرق بين قولك : وظنوا أن حصونهم تمنعهم أو مانعتهم، وبين النظم الذي جاء عليه ؟ قلت : في تقديم الخبر على المبتدأ دليل على فرط وثوقهم بحصانتها ومنعها إياهم ؛ وفي تصيير ضميرهم إسماً لأن وإسناد الجملة إليه : دليل على اعتقادهم في أنفسهم أنهم في عزة ومنعه لا يبالي معها بأحد يتعرض لهم أو يطمع في معازتهم ؛ وليس ذلك في قولك : وظنوا أنّ حصونهم تمنعهم. وقرىء :( فآتاهم الله ) أي : فآتاهم الهلاك. والرعب : الخوف الذي يرعب الصدر، أي يملؤه ؛ وقذفه : إثباته وركزه. ومنه قالوا في صفة الأسد : مقذف، كأنما قذف باللحم قذفاً لاكتنازه وتداخل أجزائه. وقرىء :( يخرّبون ويخربون )، مثقلاً ومخففاً. والتخريب والإخراب : الإفساد بالنقض والهدم. والخربة : الفساد، كانوا يخربون بواطنها والمسلمون ظواهرها : لما أراد الله من استئصال شأفتهم وأن لا يبقى لهم بالمدينة دار ولا منهم ديار، والذي دعاهم إلى التخريب : حاجتهم إلى


الصفحة التالية
Icon