" صفحة رقم ٥٦٩ "
نويت الكذب ديِّن فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يدين في القضاء بإبطال الإيلاء. وإن قال : كل حلال عليّ حرام فعل الطعام والشراب إذا لم ينو، وإلا فعلى ما نوى، ولا يراه الشافعي يميناً. ولكن سبباً في الكفارة في النساء وحده وحدهنّ، وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده. وعن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن مسعود وزيد رضي الله عنهم : أنّ الحرام يمين وعن عمر : إذا نوى الطلاق فرجعي. وعن علي رضي الله عنه : ثلاث. وعن زيد : واحدة بائنة. وعن عثمان : ظهار. وكان مسروق لا يراه شيئاً ويقول : ما أبالي أحرمتها أم قصعة من ثريد، وكذلك عن الشعبي قال : ليس بشيء، محتجاً بقوله تعالى :) وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَاذَا حَلَالٌ وَهَاذَا حَرَامٌ ( ( النحل : ١١٦ ) وقوله تعالى :) لاَ تُحَرّمُواْ طَيّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ( ( المائدة : ٨٧ ) وما لم يحرمه الله تعالى فليس لأحد أن يحرّمه ولا أن يصير بتحريمه حراماً، ولم يثبت عن رسول الله ( ﷺ ) أنه قال لما أحله الله : هو حرام عليّ، وإنما امتنع من مارية ليمين تقدمت منه، وهو قوله عليه السلام : والله لا أقربها بعد اليوم، فقيل له :) لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ( أي لم تمتنع منه بسبب اليمين، يعني : أقدم على ما حلفت عليه، وكفر عن يمينك. ونحوه قوله تعالى :( وحرّمنا عليه المراضع ) أي ؛ منعناه منها. وظاهر قوله تعالى :) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ( أنه كانت منه يمين. فإن قلت : هل كفر رسول الله ( ﷺ ) لذلك ؟ قلت : عن الحسن : أنه لم يُكَفِّر ؛ لأنه كان مغفرواً له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وإنما هو تعليم للمؤمنين. وعن مقاتل : أنّ رسول الله ( ﷺ ) أعتق رقبة في تحريم مارية ) وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ ( سيدكم ومتولي أموركم ) وَهُوَ الْعَلِيمُ ( بما يصلحكم فيشرعه لكم ) الْحَكِيمُ ( فلا يأمركم ولا ينهاكم إلا بما توجبه الحكمة. وقيل : مولاكم أولي بكم من أنفسكم، فكانت نصيحته أنفع لكم من نصائحكم لأنفسكم.
) وَإِذَ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَاذَا قَالَ نَبَّأَنِىَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (
التحريم :( ٣ ) وإذ أسر النبي.....
) بَعْضِ أَزْواجِهِ ( حفصة. والحديث الذي أسر إليها : حديث مارية وإمامة الشيخين ) نَبَّأَتْ بِهِ ( أفشته إلى عائشة. وقرىء :( أنبأت ) به ) وَأَظْهَرَهُ ( وأطلع النبي عليه السلام ) عَلَيْهِ ( على الحديث، أي : على إفشائه على لسان جبريل. وقيل : أظهر الله الحديث على النبي ( ﷺ ) من الظهور ) عَرَّفَ بَعْضَهُ ( أعلم ببعض الحديث تكرماً. قال سفيان : ما


الصفحة التالية
Icon