" صفحة رقم ٥٧٤ "
الكذابين. قال : وما التوبة ؟ قال : يجمعها ستة أشياء : على الماضي من الذنوب : الندامة، وللفرائض : الإعادة، ورد المظالم، واستحلال الخصوم، وأن تعزم على أن لا تعود، وأن تذيب نفسك في طاعة الله، كما ربيتها في المعصية، وأن تذيقها مرارة الطاعات كما أذقتها حلاوة المعاصي. وعن حذيفة : بحسب الرجل من الشر أن يتوب عن الذنب ثم يعود فيه. وعن شهر بن حوشب : أن لا يعود ولو حز بالسيف وأحرق بالنار. وعن ابن السماك : أن تنصب الذنب الذي أقللت فيه الحياء من الله أمام عينك وتستعد لمنتظرك. وقيل : توبة لا يتاب منها. وعن السدي : لا تصح التوبة إلا بنصيحة النفس والمؤمنين، لأن من صحت توبته أحب أن يكون الناس مثله. وقيل : نصوحاً من نصاحة الثوب، أي : توبة ترفو خروقك في دينك، وترمّ خالك. وقيل : خالصة، من قولهم : عسل ناصح إذا خلص من الشمع. ويجوز أن يراد : توبة تنصح الناس، أي : تدعوهم إلى مثلها لظهور أثرها في صاحبها، واستعماله الجد والعزيمة في العمل على مقتضياتها. وقرأ زيد بن علي ( توبا نصوحا ) وقرىء :( نصوحا ) بالضم، وهو مصدر نصح. والنصح والنصوح، كالشكر والشكور، والكفر والكفور أي : ذات نصوح. أو تنصح نصوحاً. أو توبوا لنصح أنفسكم على أنه مفعول له ) عَسَى رَبُّكُمْ ( إطماع من الله لعباده، وفيه وجهان، أحدهما : أن يكون على ما جرت به عادة الجبابرة من الإجابة بعسى ولعل. ووقوع ذلك منهم موقع القطيع والبت. والثاني : أن يجيء به تعليماً للعباد وجوب الترجح بين الخوف والرجاء، والذي يدل على المعنى الأول وأنه في معنى البت : قراءة ابن أبي عبلة :( ويدخلكم بالجزم )، عطفاً على محل ( عسى أن يكفر ) كأنه قيل : توبوا يوجب لكم تكفير سيآتكم ويدخلكم ) يَوْمٌ لاَّ عَبْدُ اللَّهِ ( نصب بيدخلكم، ولا يخزي : تعريض بمن أخزاهم الله من أهل الكفر والفسوق، واستحماد إلى المؤمنين على أنه عصمهم من مثل حالهم ) نُورُهُمْ يَسْعَى ( على الصراط ) أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ( قال ابن عباس : يقولون ذلك إذا طفىء نور المنافقين إشفاقاً. وعن الحسن : الله متممه لهم ولكنهم يدعون تقرباً إلى الله، كقوله تعالى :) وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ( ( غافر : ٥٥ ) وهو مغفور له. وقيل : يقوله أدناهم منزلة، لأنهم يعطون من النور قدر ما يبصرون به مواطىء أقدامهم، لأنّ النور على قدر الأعمال فيسألون إتمامه تفضلاً. وقيل : السابقون إلى الجنة يمرون مثل البرق على الصراط، وبعضهم كالريح، وبعضهم حبوا وزحفاً ؛ فأولئك الذين يقولون :) رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ( فإن قلت : كيف