" صفحة رقم ٥٩٥ "
احترقت فاسودت. وقيل : النهار أي : يبست وذهبت خضرتها. أو لم يبق شيء فيها، من قولهم : بيض الإناء، إذا فرغه. وقيل الصريم الرمال ) صَارِمِينَ ( حاصدين. فإن قلت : هلا قيل : اغدوا إلى حرثكم ؛ وما معنى ( على ) ؟ قلت : لما كان الغدوّ إليه ليصرموه ويقطعوه : كان غدوّا عليه، كما تقول : غداً عليهم العدوّ. ويجوز أن يضمن الغدوّ معنى الإقبال، كقولهم : يفدى عليه بالجفنة ويراح، أي : فأقبلوا على حرثكم باكرين ) يَتَخَافَتُونَ ( يتسارّون فيما بينهم. وخفى، وخفت، وخفد : ثلاثتها في معنى الكتم ؛ ومنه الخفدود للخفاش ) أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ( أن مفسرة. وقرأ ابن مسعود بطرحها بإضمار القول، أي تخافتون يقولون لا يدخلنها ؛ والنهي عن الدخول للمسكين نهي لهم عن تمكينه منه، أي : لا تمكنوه من الدخول حتى يدخل كقولك : لا أرينك ههنا. الحرد : من حردت السنة إذا منعت خيرها ؛ وحاردت الإبل إذا منعت درّها. والمعنىّ : وغدوا قادرين على نكد، لا غير عاجزين عن النفع، يعني أنهم عزموا أن يتنكدوا على المساكين ويحرموهم وهم قادرون على نفعهم، فغدوا بحال فقر وذهاب مال لا يقدرون فيها إلا على النكد والحرمان، وذلك أنهم طلبوا حرمان المساكين فتعجلوا الحرمان والمسكنة. أو وغدوا على محاردة جنتهم وذهاب خيرها قادرين، بدل كونهم قادرين على إصابة خيرها ومنافعها، أي : غدوا حاصلين على الحرمان مكان الانتفاع، أو لما قالوا اغدوا على حرثكم وقد خبثت نيتهم : عاقبهم الله بأن حاردت جنتهم وحرموا خيرها، فلم يغدوا على حرث وإنما غدوا على حرد. و ) قَادِرِينَ ( من عكس الكلام للتهكم، أي : قادرين على ما عزموا عليه من الصرام وحرمان المساكين، وعلى حرد ليس بصلة قادرين، وقيل : الحرد بمعنى الحرد. وقرىء :( على حرد )، أي لم يقدروا إلا على حنق وغضب بعضهم على بعض، كقوله تعالى :) يَتَلَاوَمُونَ ( ( القلم : ٣٠ ) وقيل : الحرد القصد والسرعة ؛ يقال : حردت حردك. وقال : أقْبَلَ سَيْلٌ جَاءَ مِنْ أمرِ اللَّه
يَحْرُدُ حَرْدَ الْجَنَّةِ اْلمُغْلَّةْ
وقطا حراد : سراع، يعني : وغدوا قاصدين إلى جنتهم بسرعة ونشاط، قادرين عند أنفسهم، يقولون : نحن نقدر على صرامها وزيّ منفعتها عن المساكين. وقيل :) حَرْدٍ ( علم للجنة، أي غدواً على تلك الجنة قادرين على صرامها عند أنفسهم. أو مقدرين