" صفحة رقم ٦ "
وقد علم أنّ المرسلين لا يكونون إلا على صراط مستقيم ؟ قلت : ليس الغرض بذكره ما ذهبت إليه من تمييز من أرسل على صراط مستقيم عن غيره ممن ليس على صفته، وإنما الغرض وصفه ووصف ما جاء به من الشريعة، فجمع بين الوصفين في نظام واحد، كأنه قال : إنك لمن المرسلين الثابتين على طريق ثابت، وأيضاً فإن التنكير فيه دلّ على أنه أرسل من بين الصرط المستقيمة لا يكتنه وصفه، وقرىء :( تنزيلُ العزيز الرحيم ) بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وبالنصب على أعني، وبالجرّ على البدل من القرآن ) قَوْماً مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ ( قوماً غير منذر آباؤهم على الوصف ونحوه قوله تعالى :) لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ ( ( القصص : ٤٦ )، ) وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مّن نَّذِيرٍ ( ( سبأ : ٤٤ )، وقد فسر ) مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ ( على إثبات الإنذار. ووجه ذلك أن تجعل ما مصدرية، لتنذر قوماً إنذار آبائهم أو موصولة ومنصوبة على المفعول الثاني لتنذر قوماً ما أنذره آباؤهم من العذاب، كقوله تعالى :) إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً ( ( النبأ : ٤٠ ). فإن قلت : أي فرق بين تعلقي قوله :) فَهُمْ غَافِلُونَ ( على التفسيرين ؟ قلت : هو على الأوّل متعلق بالنفي، أي : لم ينذروا فهم غافلون، على أن عدم إنذارهم هو سبب غفلتهم، وعلى الثاني بقوله :) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( لتنذر، كما تقول : أرسلتك إلى فلان لتنذره، فإنه غافل. أو فهو غافل. فإن قلت : كيف يكونون منذرين غير منذرين