" صفحة رقم ٧ "
لمناقضة هذا ما في الآي الأخر ؟ قلت : لا مناقضة : لأنّ الآي في نفي إنذارهم لا في نفي إنذار آبائهم، وآباؤهم القدماء من ولد إسماعيل وكانت النذارة فيهم. فإن قلت : ففي أحد التفسيرين أنّ آباءهم لم ينذروا وهو الظاهر، فما تصنع به ؟ قلت : أريد آباؤهم الأدنون دون الأباعد ) الْقَوْلِ ( قوله تعالى :) لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ( ( السجدة : ١٣ ) يعني تعلق بهم هذا القول وثبت عليهم ووجب ؛ لأنهم ممن علم أنهم يموتون على الكفر.
) إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْناقِهِمْ أَغْلَالاً فَهِىَ إِلَى الاٌّ ذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (
يس :( ٨ ) إنا جعلنا في.....
ثم مثل تصميمهم على الكفر، وأنه لا سبيل إلى ارعوائهم بأن جعلهم كالمغلولين المقحمين : في أنهم لا يلتفتون إلى الحق ولا يعطفون أعناقهم نحوه، ولا يطأطئون رؤوسهم له، وكالحاصلين بين سدين لا يبصرون ما قدّامهم ولا ما خلفهم : في أن لا تأمل لهم ولا تبصّر، وأنهم متعامون عن النظر في آيات الله. فإن قلت : ما معنى قوله :) فَهِىَ إِلَى الاْذْقَانِ ( ؟ قلت : معناه : فالأغلال واصلة إلى الأذقان ملزوزة إليها، وذلك أن طوق الغلّ الذي في عنق المغلول، يكون ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة فيها رأس العمود، نادراً من الحلقة إلى الذقن. فلا تخليه يطاطىء رأسه ويوطىء قذاله، فلا يزال مقحماً. والمقمح : الذي يرفع رأسه ويغض بصره. يقال : قمح البعير فهو قامح : إذا روي فرفع رأسه ومنه شهراً قماح، لأن الإبل ترفع رؤوسها عن الماء لبرده فيهما، وهما الكانونان. ومنه : اقتحمت السويق. فإن قلت : فما قولك فيمن جعل الضمير