" صفحة رقم ٦٢٦ "
فلان في عيني، أي : عظم. وفي حديث عمر رضي اللَّه عنه : كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا. وروى في أعيننا أو ملكه وسلطانه أو غناه، استعارة من الجد الذي هو الدولة والبخت ؛ لأن الملوك والأغنياء هم المجدودون والمعنى : وصفه بالتعالي عن الصاحبة والولد لعظمته. أو لسلطانه وملكوته أو لغناه. وقوله :) مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً ( بيان لذلك. وقرىء ( جدّا ربنا ) على التمييز وجدّ ربنا، بالكسر : أي صدق ربوبيته وحق إلهيته عن اتخاذ الصاحبة والولد، وذلك أنهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والإيمان : تنبهوا على الخطأ فيما اعتقده كفرة الجنّ من تشبيه الله بخلقه واتخاذه صاحبة وولداً، فاستعظموه ونزهوه عنه. سفيههم : إبليس لعنه الله أو غيره من مردة الجن. والشطط : مجاوزة الحدّ في الظلم وغيره. ومنه : أشط في السوم، إذا أبعد فيه، أي : يقول قولا هو في نفسه شطط ؛ لفرط ما أشط فيه، وهو نسبة الصاحبة والولد إلى الله، وكان في ظننا أنّ أحداً من الثقلين لن يكذب على الله ولن يفتري عليه ما ليس بحق، فكنا نصدّقهم فيم أضافوا إليه من ذلك، حتى تبين لنا بالقرآن كذبهم وافتراؤهم ) كَذِبًا ( قولاً كذباً، أي : مكذوباً فيه. أو نصب نصب المصدر لأنّ الكذب نوع من القول. ومن قرأ ( أن لن تقوّل ) وضع كذباً موضع تقوّلا، ولم يجعله صفة ؛ لأنّ التقوّل لا يكون إلا كذباً.
) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادوهُمْ رَهَقاً وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (
الجن :( ٦ ) وأنه كان رجال.....
والرهق : غشيان المحارم. والمعنى : أنّ الإنس بإستعاذتهم بهم زادوهم كبراً وكفراً ؛ وذلك أنّ الرجل من العرب كان إذا أمسى في واد قفر في بعض مسايره وخاف على نفسه قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه، يريد الجن وكبيرهم ؛ فإذا سمعوا بذلك استكبروا وقالوا : سدنا الجن والإنس ؛ فذلك رهقهم. أو فزاد الجن الإنس رهقاً بإغوائهم وإضلالهم لاستعاذتهم بهم ) وَإِنَّهُمْ ( وأنّ الإنس ) ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ ( وهو من كلام الجن، يقوله بعضهم لبعض. وقيل الآيتان من جملة الوحي. والضمير في ( وأنهم ظنوا ) للجنّ، والخطاب في ) ظَنَنتُمْ ( لكفار قريش.
) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الاٌّ نَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً ( ٧ )
الجن :( ٨ ) وأنا لمسنا السماء.....


الصفحة التالية
Icon