" صفحة رقم ٦٣٩ "
هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلفين، خاصة على رسول اللَّه ( ﷺ ) لأنه متحملها بنفسه ومحملها أمته ؛ فهي أثقل عليه وأبهظ له وأراد بهذا الاعتراض : أن ما كلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن، لأنّ الليل وقت السبات والراحة والهدوء فلا بد لمن أحياه مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه. وعن ابن عباس رضي الله عنه : كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربد له جلده. وعن عائشة رضي اللَّه عنها :
( ١٢٣٨ ) رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإنّ جبينه ليرفض عرقاً. وعن الحسن : ثقيل في الميزان. وقيل : ثقيل على المنافقين. وقيل : كلام له وزن ورجحان ليس بالسفساف.
) إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً (
المزمل :( ٦ ) إن ناشئة الليل.....
) نَاشِئَةَ الَّيْلِ ( النفس الناشئة بالليل، التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة، أي : تنهض وترتفع، من نشأت السحابة : إذا ارتفعت، ونشأ من مكانه ونشز : إذا نهض، قال : نَشَأْنَا إلى خُوصٍ بَرَى نَيَّهَا السُّرَى
وَأَلْصَقَ مِنْهَا مُشْرِفَاتِ الْقَمَاحِدِ
وقيام الليل، على أن الناشئة مصدر من نشأ إذا قام ونهض على فاعلة : كالعاقبة ويدل عليه ما روى عن عبيد بن عمير : قلت لعائشة : رجل قام من أوّل الليل، أتقولين له قام ناشئة ؟ قالت لا ؛ إنما الناشئة القيام بعد النوم. ففسرت الناشئة بالقيام عن المضجع أو العبادة التي تنشأ بالليل، أي : تحدث، وترتفع. وقيل : هي ساعات الليل كلها ؛ لأنها تحدث واحدة بعد أخرى. وقيل : الساعات الأول منه. وعن علي بن الحسين رضي اللَّه عنهما أنه كان يصلي بين المغرب والعشاء ويقول : أما سمعتم قول الله تعالى :) إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ ( هذه ناشئة الليل ) هِىَ أَشَدُّ وَطْأً ( هي خاصة دون ناشئة النهار، أشدّ مواطأة يواطىء قلبها لسانها : إن أردت النفس. أو يوطىء فيها قلب القائم لسانه : إن أردت القيام أو العبادة أو الساعات. أو أشدّ موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص. وعن الحسن : أشدّ موافقة بين السر والعلانية، لانقطاع رؤية الخلائق. وقرىء :( أشدّ وطأ ) بالفتح