" صفحة رقم ٦٦٠ "
عَظِيمٌ ( ( الواقعة : ٧٥ ٧٦ )، فكأنه بإدخال حرف النفي يقول : إنّ إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام ؛ يعني أنه يستأهل فوق ذلك. وقيل إن ( لا ) نفي لكلام وردّ له قبل القسم، كأنهم أنكروا البعث فقيل : لا، أي ليس الأمر على ما ذكرتم، ثم قيل : أقسم بيوم القيامة. فإن قلت : قوله تعالى :) فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ ( ( النساء : ٦٥ ) والأبيات التي أنشدتها : المقسم عليه فيها منفي، فهلا زعمت أنّ ( لا ) التي قبل القسم زيدت موطئة للنفي بعده ومؤكدة له، وقدرت المقسم عليه المحذوف ههنا منفياً، كقوله :) لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (، لا تتركون سدى ؟ قلت : لو قصر الأمر على النفي دون الإثبات لكان لهذا القول مساغ، ولكنه لم يقصر. ألا ترى كيف لقي ) لاَ أُقْسِمُ بِهَاذَا الْبَلَدِ ( ( البلد : ١ )، بقوله :) لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ ( ( التين : ٤ )، وكذلك ) فَلاَ أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ( ( الواقعة : ٧٥ )، بقوله :( إنه لقرآن كريم ) وقرىء :( لأقسم ) على أنّ اللام للابتداء. وأقسم خبر مبتدأ محذوف، معناه : لأنا أقسم. قالوا : ويعضده أنه في الإمام بغير ألف ) بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ( بالنفس المتقية التي تلوم النفوس فيه أي في يوم القيامة على تقصيرهن في التقوى أو بالتي لا تزال تلوم نفسها وإن اجتهدت في الإحسان. وعن الحسن : إن المؤمن لا تراه إلا لائماً نفسه، وإنّ الكافر يمضي قدما لا يعاتب نفسه. وقيل : هي التي تتلوّم يومئذ على ترك الازدياد إن كانت محسنة. وعلى التفريط إن كانت مسيئة. وقيل : هي نفس آدم، لم تزل تتلوم على فعلها الذي خرجت به من الجنة. وجواب القسم ما دل عليه قوله ) أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن لَنْ نَّجْمَعَ عِظَامَهُ ( وهو لتبعثن. وقرأ قتادة :( أن لن تُجمِع عظامه )، على البناء للمفعول. والمعنى : نجمعها بعد تفرقها ورجوعها رميماً ورفاتا مختلطاً بالتراب، وبعدما سفتها الرياح وطيرتها في أباعد الأرض. وقيل إن عدي ابن أبي ربيعة ختن الأخنس بن شريق وهما اللذان كان رسول الله ( ﷺ ) يقول فيهما :
( ١٢٥٤ ) ( اللهم اكفني جاري السوء ) قال لرسول اللَّه ( ﷺ ) : يا محمد حدثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمره ؟ فأخبره رسول اللَّه ( ﷺ ) ؛ فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يا محمد ولم أومن به أو يجمع الله العظام، فنزلت ) بَلَى ( أوجبت ما بعد النفي وهو الجمع، فكأنه قيل ) بَلَى ( نجمعها و ) قَادِرِينَ ( حال من الضمير في نجمع، أي : نجمع العظام قادرين على تأليف جميعها وإعادتها إلى التركيب الأول إلى أن نسوي


الصفحة التالية
Icon