" صفحة رقم ٦٨١ "
يكون المعنى : تكفتكم أحياء وأمواتاً، فينتصبا على الحال من الضمير ؛ لأنه قد علم أنها كفات الإنس. فإن قلت : فالتنكير في ) رَوَاسِىَ شَامِخَاتٍ ( و ) مَّاء فُرَاتاً ( ؟ قلت : يحتمل إفادة التبعيض ؛ لأنّ في السماء جبالا قال الله تعالى :) وَنُنَزّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ( ( النور : ٤٣ )، وفيها ماء فرات أيضاً، بل هي معدنه ومصبه، وأن يكون للتفخيم.
) انطَلِقُواْ إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ انطَلِقُواْ إِلَى ظِلٍّ ذِى ثَلَاثِ شُعَبٍ لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِى مِنَ اللَّهَبِ إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ هَاذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (
المرسلات :( ٢٩ ) انطلقوا إلى ما.....
أي يقال لهم : انطلقوا إلى ما كذبتم به من العذاب، وانطلقوا الثاني تكرير. وقرىء :( انطلقوا ) على لفظ الماضي إخباراً بعد الأمر عن عملهم بموجبه، لأنهم مضطرون إليه لا يستطيعون امتناعاً منه ) إِلَى ظِلٍّ ( يعني دخان جهنم، كقوله : وظل من يحموم ) ذِى ثَلَاثِ شُعَبٍ ( بتشعب لعظمه ثلاث شعب، وهكذا الدخان العظيم تراه يتفرق ذوائب. وقيل : يخرج لسان من النار فيحيط بالكفار كالسرادق، ويتشعب من دخانها ثلاث شعب، فتظلهم حتى يفرغ من حسابهم ؛ والمؤمنون في ظل العرش ) لاَّ ظَلِيلٍ ( تهكم بهم وتعريض بأن ظلهم غير ظل المؤمنين ) وَلاَ يُغْنِى ( في محل الجر، أي : وغير مغن عنهم من حرّ اللهب شيئاً ) بِشَرَرٍ ( وقرىء :( بشرار ) ) كَالْقَصْرِ ( أي كل شررة كالقصر من القصور في عظمها. وقيل : هو الغليظ من الشجر، الواحدة قصرة، نحو : جمرة وجمر. وقرىء ( كالقصر ) بفتحتين : وهي أعناق الإبل، أو أعناق النخل، نحو شجرة وشجر. وقرأ ابن مسعود : كالقصر بمعنى القصور، كرهن ورهن. وقرأ سعيد ابن جبير ( كالقصر ) في جمع قصرة، كحاجة وحوج ) جِمَالَةٌ ( جمع جمال. أو جمالة جمع جمل ؛ شبهت بالقصور، ثم بالجمال لبيان التشبيه. ألا تراهم يشبهون الإبلف بالأفدان والمجادل. وقرىء :( جمالات ) بالضم : وهي قلوس الجسور. وقيل : قلوس سفن البحر، الواحدة جمالة وقرىء ( جمالة ) بالكسر، بمعنى : جمال وجمالة بالضم : وهي القلس. وقيل ) صُفْرٌ ( لإرادة الجنس. وقيل ) صُفْرٌ ( سود تضرب إلى الصفرة. وفي شعر عمران بن حطان الخارجي : دَعَتْهُمْ بِأَعْلَى صَوْتِهَا وَرَمَتْهُم
بِمِثْلِ الْجِمَالِ الصُّفْرِ نَزْاعَةُ الشِّوَى