" صفحة رقم ٦٨٢ "
وقال أبو العلاء : حَمْرَاءُ سَاطِعَةُ الذَّوَائِبِ في الدُّجَى
تَرْمِى بِكلِّ شَرَارَةٍ كَطِرَافِ
فشبهها بالطراف وهو بيت الأدم في العظم والحمرة، وكأنه قصد بخبثه : أن يزيد على تشبيه القرآن ولتبجحه بما سوّل له من توهم الزيادة جاء في صدر بيته بقوله ( حمراء ) توطئة لها ومناداة عليها، وتنبيها للسامعين على مكانها، ولقد عمي : جمع الله له عمى الدارين عن قوله عز وعلا، كأنه جمالات صفر ؛ فإنه بمنزلة قوله : كبيت أحمر ؛ وعلى أن التشبيه بالقصر وهو الحصن تشبيها من جهتين : من جهة العظم، ومن جهة الطول في الهواء، وفي التشبيه بالجمالات وهي القلوس : تشبيه من ثلاث جهات : من جهة العظم والطول والصفرة، فأبعد الله إغرابه في طرافه وما نفخ شدقيه من استطرافه.
قرىء بنصب ( اليوم ) ونصبه الأعمش، أي : هذا الذي قص عليكم واقع يومئذ، ويوم القيامة طويل ذو مواطن ومواقيت : ينطقون في وقت ولا ينطقون في وقت ؛ ولذلك ورد الأمران في القرآن. أو جعل نطقهم كلا نطق ؛ لأنه لا ينفع ولا يسمع ) فَيَعْتَذِرُونَ ( عطف على ) يُؤْذَنُ ( منخرط في سلك النفي. والمعنى : ولا يكون لهم إذن واعتذار متعقب له، من غير أن يجعل الاعتذار مسبباً عن الإذن ولو نصب لكان مسبباً عنه لا محالة.
) هَاذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالاٌّ وَّلِينَ فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (
المرسلات :( ٣٨ - ٤٥ ) هذا يوم الفصل.....
) جَمَعْنَاكُمْ وَالاْوَّلِينَ ( كلام موضح لقوله :) هَاذَا يَوْمُ الْفَصْلِ ( لأنه إذا كان يوم الفصل بين السعداء والأشقياء وبين الأنبياء وأممهم. فلا بدّ من جمع الأولين والآخرين، حتى يقع ذلك الفصل بينهم ) فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ ( تقريع لهم على كيدهم لدين الله وذويه، وتسجيل عيهم بالعجز والاستكانة ) كُلُواْ وَاشْرَبُواْ ( في موضع الحال من ضمير المتقين، في الظرف الذي هو في ظلال، أي : هم مستقرّون في ظلال، مقولا لهم ذلك.
) كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ( ٧ )
المرسلات :( ٤٦ ) كلوا وتمتعوا قليلا.....


الصفحة التالية
Icon