" صفحة رقم ٦٨٥ "
الوقف وإما أن يقف ويبتدىء ) يتساءلون ( على أن يضمر ) يتساولون ( لأنّ ما بعده يفسره، كشيء يبهم ثم يفسر. فإن قلت : قد زعمت أنّ الضمير في يتساءلون للكفار. فما تضنع بقوله ) الَّذِى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ( ؟ قلت : كان فيهم من يقطع القوم بإنكار البعث، ومنهم من يشك. وقيل : الضمير للمسلمين والكافرين جميعاً، وكانوا جميعاً يسألون عنه. أما المسلم فليزداد خشية واستعداداً وأما الكافر فليزداد استهزاء. وقيل : المتساءل عنه القرآن. وقيل : نبوّة محمد ( ﷺ ). وقرىء ( يساءلون ) بالإدغام، وستعلمون بالتاء.
) كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (
النبأ :( ٤ - ٥ ) كلا سيعلمون
) كلا ( ردع للمتسائلين هزؤا. و ) سَيَعْلَمُونَ ( وعيد لهم بأنهم سوف يعلمون أنّ ما يتساءلون عنه ويضحكون منه حق، لأنه واقع لا ريب فيه. وتكرير الردع مع الوعيد تشديد في ذلك ومعنى ) ثُمَّ ( الإشعار بأنّ الوعيد الثاني أبلغ من الأوّل وأشد.
) أَلَمْ نَجْعَلِ الاٌّ رْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً وَجَعَلْنَا الَّيْلَ لِبَاساً وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً (
النبأ :( ٦ ) ألم نجعل الأرض.....
فإن قلت : كيف اتصل به قوله :) أَلَمْ نَجْعَلِ الاْرْضَ مِهَاداً ( قلت : لما أنكروا البعث قيل لهم : ألم يخلق من يضاف إليه البعث هذه الخلائق العجيبة الدالة على كمال القدرة، فما وجه إنكار قدرته على البعث، وما هو إلا اختراع كهذه الاختراعات أو قيل لهم : أم يفعل هذه الأفعال المتكاثرة. والحكيم لا يفعل فعلا عبثاً، وما تنكرونه من البعث والجزاء مؤدّ إلى أنه عابث في كل ما فعل ) مِهَاداً ( فراشاً. وقرىء ( مهداً ) ومعناه : أنها لهم كالمهد للصبي : وهو ما يمهد له فينوّم عليه، تسمية للممهود بالمصدر، كضرب الأمير. أو وصفت بالمصدر. أو بمعنى : ذات مهد، أي أرسيناها بالجبال كما يرسى البيت بالأوتاد ) سُبَاتاً ( موتاً. والمسبوت. الميت، من السبت وهو القطع ؛ لأنه مقطوع عن الحركة. والنوم : أحد التوفيين، وهو على بناء الأدواء. ولما جعل النوم