" صفحة رقم ٦٩٧ "
وهي قوله :) مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَاهٍ غَيْرِى ( ( القصص : ٢٨ )، وقيل : كان بين الكلمتين أربعون سنة. وقيل عشرون.
) أَءَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالاٌّ رْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعاً لَّكُمْ وَلاًّنْعَامِكُمْ (
النازعات :( ٢٧ ) أأنتم أشد خلقا.....
الخطاب لمنكرى ا لبعث، يعني ) أَءَنتُمْ ( أصعب ) خَلْقاً ( وإنشاء ) أَمِ السَّمَآءُ ( ثم بين كيف خلقها فقال ) بَنَاهَا ( ثم بين البناء فقال ) رَفَعَ سَمْكَهَا ( أي جعل مقدار ذهابها في سمت العلو مديداً رفيعاً مسيرة خمسمائة عام ) فَسَوَّاهَا ( فعدلها مستوية ملساء، ليس فيها تفاوت ولا فطور. أو فتممها بما علم أنها تتم به وأصلحها، من قولك : سوى فلان أمر فلان. غطش الليل وأغطشه الله، كقولك : ظلم وأظلمه. ويقال أيضاً : أغطش الليل، كما يقال أظلم ) وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ( وأبرز ضوء شمسها، يدل عليه قوله تعالى :) وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ( ( الشمس : ١ )، يريد وضوئها. وقولهم : وقت الضحى، للوقت الذي تشرق فيه الشمس ويقوم سلطانها ؛ وأضيف الليل والشمس إلى السماء، لأن الليل ظلها والشمس هي السراج المثقب في جوها ) مَاءهَا ( عيونها المتفجرة بالماء ) وَمَرْعَاهَا ( ورعيها، وهو في الأصل موضع الرعى. ونصب الأرض والجبال بإضمار ( دحا ) و ( أرسى ) وهو الإضمار على شريطة التفسير. وقرأهما الحسن مرفوعين على الابتداء. فإن قلت : هلا أدخل حرف العطف على أخرج ؟ قلت : فيه وجهان، أحدهما : أن يكون معنى ) دَحَاهَا ( بسطها ومهدها للسكنى، ثم فسر التمهيد بما لا بدّ منه في تأتي سكناها، من تسوية أمر المأكل والمشرب ؛ وإمكان القرار عليها، والسكون بإخراج الماء والمرعى، وإرساء الجبال وإثباتها أوتادا لها حتى تستقر ويستقر عليها. والثاني : أن يكون ) أَخْرَجَ ( حالاً بإضمار ( قد ) كقوله :) أَوْ جَاءوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ( ( النساء : ٩٠ ) وأراد بمرعاها : ما يأكل الناس والأنعام. واستعير الرعي للإنسان كما استعير الرتع في قوله :) نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ( ( يوسف : ١٢ ) وقرىء :( نرتع ) من الرعى ؛ ولهذا قيل : دلّ اللَّه سبحانه بذكر الماء والمرعى على عامة ما يرتفق به ويتمتع مما يخرج من الأرض حتى الملح،


الصفحة التالية
Icon