" صفحة رقم ٧٦ "
الآخرة، على أن يجعل في الملة الآخرة حالاً من هذا ولا تعلقه بما سمعنا كما في الوجهين. والمعنى : أنا لم نسمع من أهل الكتاب ولا من الكهان أنه يحدث في الملة الآخرة توحيد الله. ما ) هَاذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ ( أي : افتعال وكذب.
) أَءَنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بْل هُمْ فَى شَكٍّ مِّن ذِكْرِى بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ أَمْ لَهُم مٌّ لْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَمَا بَيَنَهُمَا فَلْيَرْتَقُواْ فِى الاٌّ سْبَابِ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن الاٌّ حَزَابِ (
ص :( ٨ ) أأنزل عليه الذكر.....
أنكروا أن يختص بالشرف من بين أشرافهم ورؤوسائهم وينزل عليه الكتاب من بينهم كما قالوا :) لَوْلاَ نُزّلَ هَاذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ( ( الزخرف : ٣١ ) وهذا الإنكار ترجمة عما كانت تغلي به صدورهم من الحسد على ما أوتي من شرف النبوّة من بينهم ) بْل هُمْ فَى شَكّ ( من القرآن، يقولون في أنفسهم : إما وإما. وقولهم :) إِنْ هَاذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ ( كلام مخالف لاعتقادهم فيه يقولونه على سبيل الحسد ) بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ ( بعد فإذا ذاقوه زال عنهم ما بهم من الشك والحسد حينئذ، يعني : أنهم لا يصدقون به إلا أن يمسهم العذاب مضطرين إلى تصديقه ) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبّكَ ( يعني : ما هم بمالكي خزائن الرحمة حتى يصيبوا بها من شاؤوا ويصرفوها عمن شاؤوا، ويتخيروا للنبوّة بعض صناديدهم، ويترفعوا بها عن محمد عليه الصلاة والسلام. وإنما الذي يملك الرحمة وخزائنها : العزيز القاهر على خلقه، الوهاب الكثير المواهب المصيب بها مواقعها، الذي يقسمها على ما تقتضيه حكمته وعدله، كما قال :) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا ( ( الزخرف : ٣٢ ) ثم رشح هذا المعنى فقال :) أَمْ لَهُم مٌّ لْكُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضِ ( حتى يتكلموا في الأمور الربانية والتدابير الإلاهية التي يختص بها ربّ العزّة والكبرياء، ثم تهكم بهم غاية التهكم فقال : وإن كانوا يصلحون لتدبير الخلائق والتصرف في قسمة


الصفحة التالية
Icon