" صفحة رقم ٧٧٢ "
الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة، والمبتدأ محذوف. تقديره : ولأنت سوف يعطيك، كما ذكرنا في : لا أقسم، أن المعنى : لأنا أقسم ؛ وذلك أنها لا تخلو من أن تكون لام قسم أو ابتداء فلام القسم لا تدخل على المضارع إلاّ مع نون التأكيد، فبقي أن تكون لام ابتداء، ولام الابتداء لا تدخل إلاّ على الجملة من المبتدأ والخبر، فلا بد من تقدير مبتدإ وخبر، وأن يكون أصله : ولأنت سوف يعطيك. فإن قلت : ما معنى الجمع بين حرفي التوكيد والتأخير ؟ قلت : معناه أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخّر، لما في التأخير من المصلحة.
) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَى (
الضحى :( ٦ ) ألم يجدك يتيما.....
عدّد عليه نعمه وأياديه، وأنه لم يخله منها من أوّل تربيه وابتداء نشئه، ترشيحاً لما أراد به ؛ ليقيس المترقب من فضل الله على ما سلف منه، لئلا يتوقع إلاّ الحسنى وزيادة الخير والكرامة : ولا يضيق صدره ولا يقل صبره. و ) أَلَمْ يَجِدْكَ ( من الوجود الذي بمعنى العلم : والمنصوبان مفعولاً وجد. والمعنى : ألم تكن يتيماً، وذلك أنّ أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمّه، وهو ابن ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب، وعطفه الله عليه فأحسن تربيته. ومن بدع التفاسير : أنه من قولهم :( درّة يتيمة ) وأن المعنى : ألم يجدك واحداً في قريش عديم النظير فآواك. وقرىء :( فآوى ) عو على معنيين : إما من أواه بمعنى آواه. سمع بعض الرعاة يقول : أين آوي هذه الموقسة وإما من أوي له : إذا رحمه ) ضَالاًّ ( معناه الضلال عن علم الشرائع وما طريقة السمع، كقوله :) مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ ( ( الشورى : ٥٢ ). وقيل : ضل في صباه في بعض شعاب مكة، فردّه أبو جهل إلى عبد المطلب. وقيل : أضلته حليمة عند باب مكة حين فطمته وجاءت به لتردّه على عبد المطلب. وقيل : ضلّ في طريق الشام حين خرج به أبو طالب، فهداك : فعرفك القرآن والشرائع. أو فأزال ضلالك عن جدك زعمك. ومن قال : كان على أمر قومه أربعين سنة، فإن أراد أنه كان على خلوهم عن العلوم السمعية، فنعم ؛ وإن أراد أنه كان على دينهم وكفرهم، فمعاذ الله ؛ والأنبياء يجب أن يكونوا معصومين قبل النبوة وبعدها من الكبائر والصغائر الشائنة، فما بال الكفر والجهل بالصانع ) مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَىْء ( ( يوسف : ٣٨ ) وكفى بالنبي نقيصه عند الكفار أن يسبق له كفر ) عَائِلاً ( فقيراً. وقرىء :( عيلاً ) كما قرىء : سيحات. وعديماً ) فَأَغْنَى ( فأغناك