" صفحة رقم ٨٢٧ "
بسحرهنّ وما يخدعنهم به من باطلهن. والثالث : أن يستعاذ مما يصيب الله به من الشرّ عند نفثهن، ويجوز أن يراد بهنّ النساء الكيادات، من قوله :) ءانٍ كَيْدَهُنَّ عظِيمٌ ( ( يوسف : ٢٨ ) تشبيهاً لكيدهن بالسحر والنفث في العقد. أو اللاتي يفتن الرجال بتعرضهنّ لهم ومحاسنهنّ، كأنهنّ يسحرنهم بذلك ) إِذَا حَسَدَ ( إذا ظهر حسده، وعمل بمقتضاه : من بغي الغوائل للمحسود، لأنه إذا لم يظهر أثر ما أضمره فلا ضرر يعود منه على من حسده، بل هو الضارّ لنفسه لاغتمامه بسرور غيره. وعن عمر بن عبد العزيز : لم أر ظالماً أشبه بالمظلوم من حاسد. ويجوز أن يراد بشرّ الحاسد : إثمه وسماجة حاله في وقت حسده، وإظهاره أثره. فإن قلت : قوله :) مِن شَرّ مَا خَلَقَ ( تعميم في كل ما يستعاذ منه، فما معنى الاستعاذة بعده من الغاسق والنفاثات والحاسد ؟ قلت : قد خص شرّ هؤلاء من كلّ شر لخفاء أمره، وأنه يلحق الإنسان من حيث لا يعلم، كأنما يغتال به. وقالوا : المداجي الذي يكيدك من حيث لا تشعر. فإن قلت : فلم عرف بعض المستعاذ منه ونكر بعضه ؟ قلت : عرفت النفاثات، لأن كل نفاثة شريرة، ونكر غاسق، لأنّ كل غاسق لا يكون فيه الشر، إنما يكون في بعض دون بعض، وكذلك كل حاسد لا يضرّ. ورب حسد محمود، وهو الحسد في الخيرات. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام :
( ١٣٧٥ ) ( لا حسد إلاّ في اثنتين ) وقال أبو تمام : وَمَا حَاسِدٌ فِي المَكْرُمَاتِ بِحَاسِدِ ;
وقال :
إنَّ الْعُلاَ حَسَنٌ فِي مِثْلِهَا الْحَسَدُ ;
عن رسول الله ( ﷺ ) :