" صفحة رقم ٩٣ "
كما خدم الجبابرة. فإن قلت : ما معنى وصفها بالصفون ؟ قلت : الصفون لا يكاد يكون في الهجن، وإنما هو في العراب الخلص. وقيل : وصفها بالصفون والجودة، ليجمع لها بين الوصفين المحمودين : واقفة وجارية، يعني : إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها، وإذا جرت كانت سراعاً خفافاً في جريها. وروى أن سليمان عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين، فأصاب ألف فرس. وقيل : ورثها من أبيه وأصابها أبوه من العمالقة. وقيل : خرجت من البحر لها أجنحة، فقعد يوماً بعد ما صلى الأولى على كرسيه واستعرضها، فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس وغفل عن العصر أو عن ورد من الذكر كان له وقت العشي، وتهيبوه فلم يعلموه، فاغتم لما فاته، فاستردها وعقرها مقرباً الله، وبقي مائة، فما بقي في أيدي الناس من الجياد فمن نسلها، وقيل : لما عقرها أبدله الله خيراً منها، . وهي الريح تجري بأمره. فإن قلت : ما معنى :) أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِى ( ؟ قلت : أحببت : مضمن معنى فعل يتعدى بعن، كأنه قيل : أنبت حب الخير عن ذكر ربي. أو جعلت حب الخير مجزياً أو مغنياً عن ذكر ربي. وذكر أبو الفتح الهمداني في كتاب التبيان : أن ( أحببت ) بمعنى : لزمت من قوله : مِثْلُ بَعِيرِ السُّوءِ إذْ أَحَبَّا ;
وليس بذاك. والخير : المال، كقوله :) إِن تَرَكَ خَيْرًا ( ( البقرة : ١٨٠ ) وقوله :) وَإِنَّهُ لِحُبّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ( ( العاديات : ٨ ) والمال : الخيل التي شغلته. أو سمي الخيل خيراً كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها. قال رسول الله ( ﷺ ) :
( ٩٥٨ ) ( الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ) وقال في زيد الخيل حي وفد عليه وأسلم :