لا يقال ملة الله ولا يقال ملتي وملة زيد كما يقال دين الله ودين زيد، ولا يقال الصلاة ملة الله. وأصل الملة من أمللت الكتاب، قال تعالى :﴿ وليملل الذي عليه الحق ﴾ - ﴿ فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه ﴾ وتقال الملة اعتبارا بالشيء الذي شرعه الله، والدين يقال اعتبارا بمن يقيمه إذ كان معناه الطاعة. ويقال خبز ملة ومل خبزه يمله ملا، والمليل ما طرح في النار، والمليلة حرارة يجدها الإنسان، ومللت الشيء أمله أعرضت عنه أي ضجرت، وأمللته من كذا حملته على أن مل من قوله عليه الصلاة والسلام تكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا فإنه لم يثبت لله ملالا بل القصد أنكم تملون والله لا يمل.
ملح : الملح الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمد، ويقال له ملح إذا تغير طعمه، وإن لم يتجمد فيقال ماء ملح. وقلما تقول العرب ماء مالح، قال الله تعالى :﴿ وهذا ملح أجاج ﴾ وملحت القدر ألقيت فيها الملح، وأملحتها أفسدتها بالملح، وسمك مليح. ثم استعير من لفظ المليح الملاحة فقيل رجل مليح وذلك راجع إلى حسن يغمض إدراكه.
ملك : الملك هو المتصرف بالأمر والنهي في الجمهور وذلك يختص بسياسة الناطقين ولهذا يقال ملك الناس ولا يقال ملك الأشياء، وقوله ﴿ مالك يوم الدين ﴾ فتقديره الملك في يوم الدين وذلك لقوله ﴿ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ﴾ والملك ضربان : ملك هو التملك والتولي، وملك هو القوة على ذلك تولى أو لم يتول. فمن الأول قوله ﴿ إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ﴾، ومن الثاني قوله ﴿ إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا ﴾ فجعل النبوة مخصوصة والملك عاما، فإن معنى الملك ههنا هو القوة التي بها يترشح للسياسة لا أنه جعلهم كلهم متولين للأمر فذلك مناف للحكمة كما قيل لا خير في كثرة الرؤساء. قال بعضهم : الملك اسم لكل من يملك السياسة إما في نفسه وذلك وبالتمكين من زمام قواه وصرفها عن هواها، وإما في غيره سواء تولى ذلك أو لم يتول على ما تقدم، وقوله ﴿ فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ﴾ والملك الحق الدائم لله فلذلك قال ﴿ له الملك وله الحمد ﴾ وقال ﴿ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ﴾ فالملك ضبط الشيء المتصرف فيه بالحكم، والملك كالجنس للملك فكل ملك ملك وليس كل ملك ملكا. قال ﴿ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ﴾ - ﴿ ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ﴾ وقال :﴿ أم من يملك السمع والأبصار ﴾ - ﴿ قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا ﴾