٣٠٧
فيشتري بذلك عسلا فيشربه مع ماء المطر وقد اجتمع الهنيء والمريء والشفاء والماء المبارك يعني أن الله تعالى سمى المهر هنيئا مريئا إذا وهبت وسمى العسل شفاء وسمى ماء المطر مباركا فإذا اجتمعت هذه الأشياء يرجى له الشفاء
قوله تعالى " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " يعني النساء والأولاد الصغار يعني لا يجعل الرجل ماله في يدي امرأته وأولاده ثم يدع نفسه محتاجا إليهم فلا يدفعون إليه عند حاجته ويقال لا تدفعوا أموالكم مضاربة ولا إلى وكيل لا يحسن التجارة وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال من لم يتفقه فلا يتجر في سوقنا فذلك قوله تعالى " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " يعني الجهال بالأحكام ويقال لا تدفعوا إلى الكفار ولهذا كره علماؤنا أن يوكل المسلم ذميا بالبيع والشراء أو يدفع إليه مضاربه
ثم قال تعالى " التي جعل الله لكم قياما " يعني الأموال التي جعل الله قواما لمعاشكم ثم قال " وارزقوهم فيها " يعني الأولاد الصغار أطعموهم " وأكسوهم " من أموالكم وكونوا أنتم القوام على أموالكم " وقولوا لهم قولا معروفا " يعني إذا طلبوا منكم النفقة ولم يكن عندكم في ذلك الوقت شيء فعدوا لهم عدة حسنة يقول سأفعل ذلك
سورة النساء الآية ٦
ثم قال " وابتلوا اليتامى " يقول اختبروا اليتامى وجربوا عقولهم " حتى إذا بلغوا النكاح " يعني الحلم ويقال مبلغ الرجال " فإن آنستم منهم رشدا " يقول إذا رأيتم منهم رشدا وصلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم " فادفعوا إليهم أموالهم " التي معكم " ولا تأكلوها إسرافا " في غير حق " وبدارا " يعني مبادرة في آكلة " أن يكبروا " يعني مخافة أن يكبروا فيأخذوا أموالهم منكم
ثم قال " ومن كان غنيا فليستعفف " يعني ليحفظ نفسه عن مال اليتيم " ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف " وقد اختلف الناس في تأويل هذه الآية وقالوا فيها ثلاثة أقوال قال بعضهم يجوز للمعسر أن يأكل على قدر قيامه عليه وقال بعضهم لا يجوز أن يأكل إلا على وجه القرض فيرد عليه إذا كبر وقال بعضهم لا يجوز في الأحوال كلها
فأما من قال إنه يجوز أكله على قدر قيامه عليه فإنه احتج بما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال إني أنزلت مال الله مني بمنزلة مال اليتيم " فمن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف " وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا سأله فقال يا ابن عباس إن عندي مواشي أيتام فهل علي جناح إن أصبت من رسل مواشيهم قال ابن