٣٩٢
قال ﷺ أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال ثم قال " والدم " يعني حرم عليكم أكل الدم وشربه وهو الدم المسفوح كما قال في آية أخرى " إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا " الأنعام ١٤٥وأما الدم الذي بقي بعد الأنهار فهو مباح مثل الطحال والكبد والصفرة التي بقيت في اللحم ثم قال " ولحم الخنزير " يعني أكل لحم الخنزير فذكر اللحم والمراد به اللحم والشحم وغير ذلك وهذا حرام بإجماع المسلمين
ثم قال " وما أهل لغير الله به " يعني حرم عليكم أكل ما ذبح لغير الله وأصل الإهلال رفع الصوت ومنه استهلال الصبي وإهلال الحج وإنما سمي الذبح إهلالا لأنهم كانوا يرفعون الصوت عند الذبح بذكر آلهتهم فحرم الله تعالى ذلك
ثم قال " والمنخنقة " وهي الشاة التي تخنق فتموت وكان بعض أهل الجاهلية يستحلون ذلك ويأكلونها
ثم قال " والموقوذة " يعني حرم عليكم أكل الموقوذة وهي التي تضرب بالخشب فتموت وأصله في اللغة هو الإشراف على الهلاك فإذا ضرب بالخشب حتى يشرف على الموت ثم يتركه يقال موقوذة ويقال فلان وقيذ وقذته العبادة أي ضعف وأشرف على الهلاك
ثم قال " والمتردية " وهي الشاة التي تخر من الجبل أو تتردى في بئر فتموت
ثم قال " والنطيحة " وهي الشاة التي تنطح صاحبها فيقتلها
ثم قال " وما أكل السبع " وهي فريسة السبع فحرم الله تعالى أكل هذه الأشياء كلها على المؤمنين ثم استثنى فقال " إلا ما ذكيتم " يعني إلا ما أدركتم ذكاته فذكيتموه قبل أن يموت فلا بأس بأكله
قال القتبي أصل الذكاة من التوقد يقال ذكيت النار إذا ألقيت عليها شيئا من الحطب وإنما سميت الذكية ذكية لأنها صارت بحال ينتفع بها وقال الزجاج أصل الذكاة تمام الشيء وقوله " إلا ما ذكيتم " يعني ما أدركتم ذبحه على التمام
ثم قال " وما ذبح على النصب " قال القتبي النصب هو حجر أو صنم منصوب كانوا يذبحون عنده وجمعه أنصاب ويقال كانوا يذبحون لأعيادهم باسم آلههتهم
ثم قال " وأن تستقسموا بالأزلام " والأزلام القداح واحدها زلم على ميزان قلم وأقلام وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يجتمعون عشرة أنفس ويشترون جزورا ويجعلون لحمه على تسعة أجزاء ويعطى كل واحد منهم سهما من سهامه ويجمعون السهام عند واحد منهم أو شيء من الأحجار ثم يخرج هذا الرجل واحدا من السهام فكل من خرج سهمه يأخذ جزءا من ذلك اللحم فإذا خرج تسعة من السهام لا يبقى شيء من اللحم ولا يكون للذي بقي اسمه آخرا شيء من اللحم وكان ثمن الجزور كله عليه


الصفحة التالية
Icon