٣٩٣
وكان نوع آخر أنهم كانوا يجعلون عشرة من القداح وكان لكل واحد منها سهم ولم يكن لثلاثة منها نصيب من اللحم وهو السفيح والمنيح والوعيد وكان للسبعة لكل سهم نصيب وهو القذ والتوأم والرقيب والمعلى والحلس والناقس والمسبل ويقال كان إذا أراد واحد منهم السفر أخرج سهمين من القداح في أحدهما مكتوب أمرني ربي وفي الآخر نهاني ربي فيخرج أحدهما فإن خرج باسمه أمرني ربي وجب عليه الخروج الخروج ولم يسعه التخلف وإن خرج الآخر لا يسعه الخروج فنهى الله تعالى عن ذلك كله وقال " ذلكم فسق " يعني هذه الأفعال معصية وضلالة و واستحلالها كفر
ثم قال تعالى " واليوم يئس الذين كفروا من دينكم " يعني كفار العرب أن تعودوا كفارا حين حج النبي ﷺ حجة الوداع وليس معهم مشرك وقال الضحاك نزلت هذه الآية حين فتح مكة وذلك أن رسول ﷺ فتح مكة لثمان بقين من رمضان سنة تسع ويقال سنة ثمان ودخلها ونادى منادي رسول الله ﷺ ألا من قال لا إله إلا الله فهو آمن ومن وضع السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن فانقادت قريش لأمر الله تعالى ورفعوا أيديهم وأسلموا
قال الله تعالى " فلا تخشوهم " يقول فلا تخشوا صولة المشركين فأنا معكم وناصركم " واخشون " في ترك أمري
ثم قال " اليوم أكملت لكم دينكم " يعني أتممت لكن شرائع دينكم وذلك أن النبي ﷺ حيث كان بمكة لم يكن إلا فريضة الصلاة وحدها فلما قدم المدينة أنزل الله الحلال والحرام فنزلت هذه الآية " اليوم أكملت لكم دينكم " يعني دينكم حلالكم وحرامكم وروى حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار أن ابن عباس أنه قرأ " اليوم أكملت لكم دينكم " فقال له يهودي لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال ابن عباس فإنها نزلت في يوم عيدين في يوم الجمعة وكان يوم عرفة
قال الفقيه حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا ابن صاعد قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق ان اليهود قالوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنكم لتقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا " اليوم أكملت لكم دينكم " فقال عمر رضي الله عنه إني لأعلم حيث أنزلت وفي أي يوم أنزلت أنزلت بيوم عرفة ورسول الله ﷺ واقف بعرفة فإن قيل في ظاهر هذه الآية دليل أن الدين يزيد وينقص حيث قال " اليوم أكملت لكم دينكم " قيل له ليس فيها دليل لأنه أخبر أنه أكمل في ذلك اليوم وليس فيها دليل أنه لم يكمل قبل ذلك ألا ترى أنه قال في


الصفحة التالية
Icon