٣٩٤
سياق الآية " ورضيت لكم الإسلام دينا " ليس فيه دليل أنه لم يرض قبل ذلك ولكن معناه أنه قد أظهر وقرر كما جاء في الخبر أن رجلا أعتق ستة أعبد له في مرضه فأعتق رسول الله ﷺ اثنين منهم يعني أظهر عتقهما وقرر ولم يرد به الابتداء وقال مجاهد معناه اليوم أتممت لكم ظهور دينكم وغلبة دينكم ونصرته وقال قتادة معناه أخلص لكم دينكم
ثم قال تعالى " وأتممت عليكم نعمتي " يعني منتي فلم يحج معكم مشرك " ورضيت " يعني أخترت " لكم الإسلام دينا " وروي في الخبر ان النبي ﷺ عاش بعد نزول هذه الآية إحدى وثمانين ليلة ثم مضى لسبيله ﷺ وقال الزجاج " اليوم " صار نصبا للظرف ومعناه في اليوم أكملت لكم دينكم وقال معاذ بن جبل النعمة لا تكون إلا بعد دخول الجنة فصار كأنه قال رضيت لكم الجنة لأنه لا تكون النعمة تماما إلا حتى يضع قدميه فيها
ثم رجع إلى أول الآية فقال تعالى " فمن اضطر في مخمصة " وذلك أنه لما بين المحرمات علم أن بعض الناس اضطروا إلى أكله فأباح لهم أكله عند الضرورة فقال " فمن اضطر " يعني أجهد إلى شيء مما حرم الله تعالى عليه " في مخمصة " يعني في مجاعة وأصل الخمص ضمور البطن ودقته فإذا جاع فقد خمص بطنه ثم قال " غير متجانف لإثم " يعني غير متعمد المعصية لأكله فوق الشبع وأصل الجنف الميل وقال الزجاج يعني غير متجاوز للحد وغير آكل لها على وجه التلذذ فلا إثم عليه في أكله وقال أهل المدينة المضطر يأكل حتى يشبع وقال أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله إنه يأكل مقدار ما يأمن به الموت وكذلك قال الشافعي رحمه الله " فإن الله غفور رحيم " يعني " غفور " فيما أكل " رحيم " حين رخص له أكله عند الاضطرار قرأ عاصم وحمزة وأبو عمرو " فمن اضطر " بكسر النون لاجتماع الساكنين وقرأ الباقون بالضم
سورة المائدة ٤ - ٥
قوله تعالى " يسألونك ماذا أحل لهم " نزلت الآية في شأن عدي بن حاتم الطائي قال