٣٩٥
قلت يا رسول الله ﷺ إنا قوم نتصيد بهذه الكلاب والبزاة فما يحل لنا منها فقال ﷺ ما علمت من كلب أو بازي ثم أرسلته وذكرت اسم الله تعالى عليه فكل ما أمسك عليك فقلت وإن قتله قال إن قتله ولم يأكل منه شيئا فكل فإنما أمسك عليك وإن أكل منه شيئا فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه قلت فإذا خالط كلابنا كلاب أخرى حين ترسلها قال لا تأكل حتى تعلم أن كلبك هو الذي أمسك عليك ونزلت هذه الآية " يسألونك ماذا أحل لهم " يعني ماذا رخص لهم من الصيد ويقال لما نزل قوله تعالى " حرمت عليكم " قالوا إن الله تعالى حرم هذه الأشياء فأي شيء لنا حلال يا رسول الله فأنزل الله تعالى " قال أحل لكم الطيبات " يعني رخص لكم الحلالات من الذبائح " وما علمتم " يعني وأحل لكم صيد ما علمتم " من الجوارح " يعني من الطير والكلاب الكواسب ويقال الجوارح الجارحات
ثم قال " مكلبين " بكسر اللام وقرأ بعضهم بالنصب فمن قرأ بالكسر يعني به أصحاب الكلاب المعلمين للكلاب ومن قرأ بالنصب أراد به الكلاب يعني الكلاب المعلمة " مكلبين " يعني معلمين ثم قال " تعلمونهن " يعني تؤدبونهن في طلب الصيد " مما علمكم الله " يقول كما أدبكم الله تعالى وروي عن مجاهد أنه سئل عن الصقر والبازي والفهد قال هذه كلها جوارح ولا بأس بصيده إذا كان معلما
ثم قال " فكلوا مما أمسكن عليكم " يعني حبسن لكم " واذكروا اسم الله عليه " إذا أرسلتم الكلاب على الصيد وفي هذه الآية دليل أن الكلب إذا كان أكل من الصيد لا يؤكل لأنه أمسك لنفسه وفيها دليل أنه لا يجوز الأكل إلا بالتسمية لأنه أباح على شرط التسمية وعلى شرط أن يمسك لصاحبه وفيها دليل أيضا أن الكلب إذا كان غير معلم لا يجوز أكل صيده وفيها دليل أيضا أن العالم له من الفضيلة ما ليس للجاهل لأن الكلب إذا علم تكون له فضيلة على سائر الكلاب وأن الإنسان إذا كان له علم أولى أن يكون له فضل على سائر الناس وهذا كما روي عن علي كرم الله وجهه أنه قال لكل شيء قيمة وقيمة المرء ما يحسنه
ثم خوفهم فقال " واتقوا الله " يعني اخشوا الله ولا تأكلوا الميتة " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " الأنعام ١٢١ " إن الله سريع الحساب " يعني سريع المجازاة
وقوله تعالى " اليوم أحل لكم الطيبات " يعني المذبوحات من الحلال يعني اليوم أظهر وبين حله ثم قال " وطعام الذين أوتوا الكتاب " يعني ذبائح أهل الكتاب " حل لكم " يعني حلال لكم أكله " وطعامكم حل لهم " يعني ذبائحكم وطعامكم رخص لهم أكله وقال